فَأَتْرُكُهَا أَيْضًا يَبَابًا بَلَاقِعًا ... خَلَاءً مِنَ الْأَهْلِينَ أَرْضَ نَعَائِمِ
وَأَحْوِيَ أَمْوَالَ الْيَمَانِينَ كُلَّهَا ... وَمَا جَمَعَ الْقِرْمَاطُ يَوْمَ مَحَارِمِ
أَعُودُ إِلَى الْقُدْسِ الَّتِي شَرُفَتْ لَنَا ... بِعِزٍّ مَكِينٍ ثَابِتِ الْأَصْلِ قَائِمِ
وَأَعْلُو سَرِيرِي لِلسُّجُودِ فَيَشْتَفِي ... مُلُوكُ بَنِيَ حَوَّا بِحَمْلِ الدَّرَاهِمِ
هُنَالِكَ تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ ... لِكُلِّ نَقِيِّ الدِّينِ أَغْلَفَ نَاعِمِ
نُصِرْنَا عَلَيْكُمْ حِينَ جَارَ وُلَاتُكُمْ ... وَأَعْلَنْتُمُ بِالْمُنْكَرَاتِ الْعَظَائِمِ
قُضَاتُكُمُ بَاعُوا الْقَضَاءَ بِدِينِهِمْ ... كَبَيْعِ ابْنِ يَعْقُوبَ بِبَخْسِ الدَّرَاهِمِ
عُدُولُكُمُ بِالزُّورِ يَشْهَدُ كُلُّهُمْ ... وَبِالْبُرِّ وَالْبِرْطِيلِ مَعْ كُلِّ قَائِمِ
سَأَفْتَحُ أَرْضَ اللَّهِ شَرْقًا وَمَغْرِبًا ... وَأَنْشُرُ دِينَ الصَّلْبِ نَشْرَ الْعَمَائِمِ
فَعِيسَى عَلَا فَوْقَ السَّمَاوَاتِ عَرْشُهُ ... فَفَازَ الَّذِي وَالَاهُ يَوْمَ الْخَصَائِمِ
وَصَاحِبُكُمْ فِي التُّرْبِ أَوْدَى بِهِ الثَّرَى ... فَصَارَ رُفَاتًا بَيْنَ تِلْكَ الرَّمَائِمِ
تَنَاوَلْتُمُ أَصْحَابَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ... بِسَبٍّ وَقَذْفٍ وَانْتِهَاكِ مَحَارِمِ
هَذَا آخِرُهَا، لَعَنَ اللَّهُ نَاظِمَهَا وَأَسْكَنَهُ النَّارَ {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر: ٥٢] يَوْمَ يَدْعُو نَاظِمُهَا ثُبُورًا، وَيَصْلَى سَعِيرًا، وَيُبَاشِرُ ذُلًّا طَوِيلًا {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: ٢٧] .