أَمْوَالِهِمْ، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ سَارَ نُورُ الدِّينِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ إِلَى الْكَرَكِ ; فَحَاصَرَهَا وَكَانَتْ مِنْ أَمْنَعِ الْبِلَادِ وَكَادَ أَنْ يَفْتَحَهَا وَلَكِنْ بَلَغَهُ أَنَّ مُقَدَّمَيْنِ مِنَ الْفِرِنْجِ قَدْ أَقْبَلَا نَحْوَ دِمَشْقَ، فَخَافَ أَنْ يَلْتَفَّ عَلَيْهِمَا الْفِرِنْجُ، فَتَرَكَ الْحِصَارَ وَأَقْبَلَ نَحْوَ دِمَشْقَ فَحَصَّنَهَا، وَلَمَّا انْجَلَتِ الْفِرِنْجُ عَنْ دِمْيَاطَ فَرِحَ نُورُ الدِّينِ وَالْمُسْلِمُونَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَأَنْشَدَ الشُّعَرَاءُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ قَصِيدًا، وَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ شَدِيدَ الِاهْتِمَامِ قَوِيَّ الِاغْتِمَامِ بِذَلِكَ ; حَتَّى إِنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ بَعْضُ طَلَبَةِ الْحَدِيثِ جُزْءًا فِيهِ حَدِيثٌ مُسَلْسَلٌ بِالتَّبَسُّمِ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَبْتَسِمَ لِيَتَّصِلَ التَّسَلْسُلُ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَانِي مُتَبَسِّمًا وَالْمُسْلِمُونَ تُحَاصِرُهُمُ الْفِرِنْجُ بِثَغْرِ دِمْيَاطَ،
وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ أَنَّ إِمَامَ مَسْجِدِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِالْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ رَأَى فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي أَجْلَى فِيهَا الْفِرِنْجُ عَنْ دِمْيَاطَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ لَهُ سَلِّمْ عَلَى نُورِ الدِّينِ وَبِشِّرْهُ بِأَنَّ الْفِرِنْجَ قَدْ رَحَلُوا عَنْ دِمْيَاطَ،. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَيِّ عَلَامَةٍ؟ فَقَالَ: بِعَلَامَةِ مَا سَجَدَ يَوْمَ تَلِّ حَارِمٍ وَقَالَ: فِي سُجُودِهِ اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَلَا تَنْصُرْ مَحْمُودًا وَمَنْ هُوَ مَحْمُودٌ الْكَلْبُ حَتَّى يُنْصَرَ؟ فَلَمَّا صَلَّى نُورُ الدِّينِ عِنْدَهُ الصُّبْحَ بَشَّرَهُ بِذَلِكَ وَأَعْلَمَهُ بِالْعَلَامَةِ، وَكَشَفُوا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَإِذَا هِيَ هِيَ.
قَالَ الْعِمَادُ الْكَاتِبُ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ عَمَّرَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ جَامِعَ دَارِيَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute