للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ لَاجِينُ السِّلَحْدَارُ، فَنَادَتْ عَلَيْهِ الْمُنَادِيَةُ بِدِمَشْقَ: مَنْ أَحْضَرَهُ فَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ، وَمَنْ أَخْفَاهُ شُنِقَ. وَرَكِبَ السُّلْطَانُ وَمَمَالِيكُهُ فِي طَلَبِهِ، وَصَلَّى الْخَطِيبُ بِالنَّاسِ فِي الْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ، وَعَلَى النَّاسِ كَآبَةٌ بِسَبَبِ تَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَاضْطِرَابِ الْجَيْشِ، وَاخْتَبَطَ النَّاسُ، فَلَمَّا كَانَ سَادِسُ شَوَّالٍ أَمْسَكَتِ الْعَرَبُ سُنْقُرَ الْأَشْقَرَ، فَرَدُّوهُ عَلَى السُّلْطَانِ، فَأَرْسَلَهُ مُقَيَّدًا إِلَى مِصْرَ.

وَفِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَّى السُّلْطَانُ نِيَابَةَ دِمَشْقَ لِعِزِّ الدِّينِ أَيْبَكَ الْحَمَوِيِّ، عِوَضًا عَنِ الشُّجَاعِيِّ، وَقَدِمَ الشُّجَاعِيُّ مِنَ الرُّومِ فِي هَذَا الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ عَزْلِهِ فَتَلَقَّاهُ الْفَارُوثِيُّ وَقَالَ: قَدْ عُزِلْنَا مِنَ الْخَطَابَةِ. فَقَالَ: وَنَحْنُ مِنَ النِّيَابَةِ. فَقَالَ الْفَارُوثِيُّ: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: ١٢٩] فَلَمَّا بَلَغَ ابْنُ السَّلْعُوسِ تَغَضَّبَ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ عَيَّنَ لَهُ الْقَيْمُرِيَّةَ فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَسَافَرَ السُّلْطَانُ عَاشِرَ شَوَّالٍ إِلَى مِصْرَ، فَدَخَلَهَا فِي أُبَّهَةِ الْمَلِكِ، وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ أَقْطَعَ قَرَاسُنْقُرَ مِائَةَ فَارِسٍ بِمِصْرَ عِوَضًا عَنْ نِيَابَةِ حَلَبَ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اشْتَرَى الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ طَغَايُ الْأَشْرَفِيُّ قَيْسَارِيَّةَ الْقُطْنِ الْمَعْرُوفَةَ بِإِنْشَاءِ الْمَلِكِ الْمُعَظَّمِ بْنِ الْعَادِلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، بِمَرْسُومٍ مِنَ السُّلْطَانِ، وَكَانَ حَظِيًا عِنْدَهُ، وَنَقَلَ سُوقَ الْحَرِيرِيِّينَ تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ أَفْرَجَ عَنْ عَلَمِ الدِّينِ الدَّوَادَارِيِّ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ قَلْعَةِ الرُّومِ، وَاسْتَحْضَرَهُ إِلَى دِمَشْقَ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَاسْتَصْحَبَهُ مَعَهُ إِلَى الْقَاهِرَةِ، وَأَقْطَعُهُ مِائَةَ فَارِسٍ، وَوَلَّاهُ مُشِدَّ الدَّوَاوِينِ مُكْرَهًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>