للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ

فِيهَا أَخَذَ الرَّشِيدُ الْبَيْعَةَ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ مُحَمَّدٍ ابْنِ زُبَيْدَةَ، وَسَمَّاهُ الْأَمِينَ، وَعُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ خَمْسُ سِنِينَ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ سَلْمٌ الْخَاسِرُ:

قَدْ وَفَّقَ اللَّهُ الْخَلِيفَةَ إِذْ بَنَى … بَيْتَ الْخِلَافَةِ لِلْهِجَانِ الْأَزْهَرِ

فَهُوَ الْخَلِيفَةُ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ … شَهِدَا عَلَيْهِ بِمَنْظَرٍ وِبَمَخْبَرِ

قَدْ بَايَعَ الثَّقَلَانِ فِي مَهْدِ الْهُدَى … لِمُحَمَّدٍ ابْنِ زُبَيْدَةَ ابْنَةِ جَعْفَرِ

وَقَدْ كَانَ الرَّشِيدُ يَتَوَسَّمُ النَّجَابَةَ وَالرَّجَاحَةَ فِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ، وَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ فِيهِ حَزْمَ الْمَنْصُورِ، وَنُسُكَ الْمَهْدِيِّ، وَعِزَّةَ نَفْسِ الْهَادِي، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ الرَّابِعَةَ مِنِّي لَقُلْتُ، وَإِنِّي لَأُقَدِّمُ مُحَمَّدًا ابْنَ زُبَيْدَةَ عَلَيْهِ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُ مُتَّبِعٌ هَوَاهُ، وَلَكِنْ لَا أَسْتَطِيعُ غَيْرَ ذَلِكَ. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

لَقَدْ بَانَ وَجْهُ الرَّأْيِ لِي غَيْرَ أَنَّنِي … غُلِبْتُ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي كَانَ أَحْزَمَا

وَكَيْفَ يُرَدُّ الدَّرُّ فِي الضَّرْعِ بَعْدَمَا … تَوَزَّعَ حَتَّى صَارَ نَهْبًا مُقَسَّمًا

أَخَافُ الْتَوَاءَ الْأَمْرِ بَعْدَ اسْتِوَائِهِ … وَأَنْ يُنْقَضَ الْأَمْرُ الَّذِي كَانَ أُبْرِمَا

وَغَزَا الصَّائِفَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ، فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>