إِلَى الْبِلَادِ لِيُحَرِّضُوا الْمُلُوكَ عَلَى الْجِهَادِ، فَخَرَجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ، فَسَارُوا فِي النَّاسِ فَلَمْ يُفِدْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فَقَالَ فِي ذَلِكَ أَبُو الْمُظَفَّرِ الْأَبِيْوَرْدِيُّ:
مَزَجْنَا دِمَاءً بِالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ ... فَلَمْ يَبْقَ مِنَّا عُرْضَةٌ لِلْمَرَاحِمِ
وَشَرُّ سِلَاحِ الْمَرْءِ دَمْعٌ يُفِيضُهُ ... إِذَا الْحَرْبُ شُبَّتْ نَارُهَا بِالصَّوَارِمِ
فَإِيهًا بَنِي الْإِسْلَامِ إِنَّ وَرَاءَكُمْ ... وَقَائِعَ يُلْحِقْنَ الذُّرَى بِالْمَنَاسِمِ
وَكَيْفَ تَنَامُ الْعَيْنُ مِلْءَ جُفُونِهَا ... عَلَى هَفَوَاتٍ أَيْقَظَتْ كُلَّ نَائِمِ
وَإِخْوَانُكُمْ بِالشَّامِ يُضْحَى مَقِيلُهُمْ ... ظُهُورَ الْمَذَاكِي أَوْ بُطُونَ الْقَشَاعِمِ
تَسُومُهُمُ الرُّومُ الْهَوَانَ وَأَنْتَمْ ... تَجُرُّونَ ذَيْلَ الْخَفْضِ فِعْلَ الْمُسَالِمِ
وَبَيْنَ اخْتِلَاسِ الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ وَقْفَةٌ ... تَظَلُّ لَهَا الْوِلْدَانُ شِيبَ الْقَوَادِمِ
وَتَلِكَ حُرُوبٌ مَنْ يَغِبْ عَنْ غِمَارِهَا ... لِيَسْلَمَ يَقْرَعْ بَعْدَهَا سِنَّ نَادِمِ
سَلَلْنَ بِأَيْدِي الْمُشْرِكِينَ قَوَاضِبًا ... سَتُغْمَدُ مِنْهُمْ فِي الْطُّلَى وَالْجَمَاجِمِ
يَكَادُ لَهُنَّ الْمُسْتَجِنُّ بِطِيبَةٍ ... يُنَادِي بِأَعْلَى الصَّوْتِ يَا آلَ هَاشِمِ
أَرَى أُمَّتِي لَا يَشْرَعُونَ إِلَى الْعِدَا ... رِمَاحَهُمْ وَالدِّينُ وَاهِي الدَّعَائِمِ
وَيَجْتَنِبُونَ الثَّأْرَ خَوْفًا مِنَ الرَّدَى ... وَلَا يَحْسَبُونَ الْعَارَ ضَرْبَةَ لَازِمِ
أَيَرْضَى صَنَادِيدُ الْأَعَارِيبِ بِالْأَذَى ... وَتُغْضِي عَلَى ذُلٍّ كُمَاةُ الْأَعَاجِمِ