وَذَكَرُوا أَنَّ الْحَسَنَ رَأَى غُلَامًا أَسْوَدَ يَأْكُلُ مِنْ رَغِيفٍ لُقْمَةً، وَيُطْعِمُ كَلْبًا هُنَاكَ لُقْمَةً، فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ ! فَقَالَ: إِنِّي أَسْتَحِي مِنْهُ أَنْ آكُلَ وَلَا أُطْعِمَهُ. فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: لَا تَبْرَحْ مِنْ مَكَانِكَ حَتَّى آتِيَكَ. فَذَهَبَ إِلَى سَيِّدِهِ، فَاشْتَرَاهُ وَاشْتَرَى الْحَائِطَ الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَأَعْتَقَهُ وَمَلَّكَهُ الْحَائِطَ، فَقَالَ الْغُلَامُ: يَا مَوْلَايَ، قَدْ وَهَبْتُ الْحَائِطَ لِلَّذِي وَهَبَتْنِي لَهُ.
قَالُوا: وَكَانَ كَثِيرَ التَّزَوُّجِ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ، وَكَانَ مِطْلَاقًا مِصْدَاقًا. يُقَالُ: إِنَّهُ أَحْصَنَ بِسَبْعِينَ امْرَأَةً. وَذَكَرُوا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ فِي يَوْمٍ ; وَاحِدَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَأُخْرَى فَزَارِيَّةً، وَبَعَثَ إِلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَبِزُقَاقٍ مِنْ عَسَلٍ، وَقَالَ لِلْغُلَامِ: اسْمَعْ مَا تَقُولُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. فَأَمَّا الْفَزَارِيَّةُ فَقَالَتْ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا. وَدَعَتْ لَهُ، وَأَمَّا الْأَسَدِيَّةُ فَقَالَتْ
:
مَتَاعٌ قَلِيلٌ مِنْ حَبِيبٍ مُفَارِقِ
فَرَجَعَ الْغُلَامُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَارْتَجَعَ الْأَسْدِيَةَ وَتَرَكَ الْفَزَارِيَّةَ. وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ: لَا تُزَوِّجُوهُ فَإِنَّهُ مِطْلَاقٌ. فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ خَطَبَ إِلَيْنَا كُلَّ يَوْمٍ لَزَوَّجَنَاهُ مِنَّا مَنْ شَاءَ ; ابْتِغَاءً فِي صِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَذَكَرُوا أَنَّهُ نَامَ مَعَ امْرَأَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ مَنْظُورٍ الْفَزَارِيِّ - وَقِيلَ: هِنْدَ بِنْتِ سُهَيْلٍ - فَوْقَ إِجَّارٍ، فَعَمَدَتِ الْمَرْأَةُ فَرَبَطَتْ رِجْلَهُ بِخِمَارِهَا إِلَى خَلْخَالِهَا، فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute