يَقْتَحِمُ عَلَيْهِمْ فَاقْتَتَلُوا عَلَى فَمِ السِّكَّةِ، وَأَمَرَتْ عَائِشَةُ أَصْحَابَهَا فَتَيَامَنُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَقْبَرَةِ بَنِي مَازِنٍ، وَحَجَزَ اللَّيْلُ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي قَصَدُوا الْقِتَالَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، إِلَى أَنْ زَالَ النَّهَارُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ حُنَيْفٍ، وَكَثُرَتِ الْجِرَاحُ فِي الْفَرِيقَيْنِ، فَلَمَّا عَضَّتْهُمُ الْحَرْبُ تَدَاعَوْا إِلَى الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يَكْتُبُوا بَيْنَهُمْ كِتَابًا وَيَبْعَثُوا رَسُولًا إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَسْأَلُ أَهْلَهَا ; إِنْ كَانَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ أُكْرِهَا عَلَى الْبَيْعَةِ، خَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ عَنِ الْبَصْرَةِ وَأَخْلَاهَا لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا أُكْرِهَا عَلَى الْبَيْعَةِ، خَرَجَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ عَنْهَا وَأَخْلَوْهَا لَهُ. وَبَعَثُوا بِذَلِكَ كَعْبَ بْنَ سُورٍ الْقَاضِي، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَامَ فِي النَّاسِ فَسَأَلَهُمْ: هَلْ بَايَعَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ طَائِعَيْنِ أَوْ مُكْرَهَيْنِ؟ فَسَكَتَ النَّاسُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَقَالَ: بَلْ كَانَا مُكْرَهَيْنِ. فَثَارَ إِلَيْهِ بَعْضُ النَّاسِ فَأَرَادُوا ضَرْبَهُ، فَجَاحَفَ دُونَهُ صُهَيْبٌ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَجَمَاعَةٌ حَتَّى خَلَّصُوهُ وَقَالُوا لَهُ: مَا وَسِعَكَ مَا وَسِعَنَا مِنَ السُّكُوتِ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْأَمْرَ يَنْتَهِي إِلَى هَذَا. وَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ: إِنَّهُمَا لَمْ يُكْرَهَا عَلَى فُرْقَةٍ، وَلَقَدْ أُكْرِهَا عَلَى جَمَاعَةٍ وَفَضْلٍ، فَإِنْ كَانَا يُرِيدَانِ الْخَلْعَ فَلَا عُذْرَ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَا يُرِيدَانِ غَيْرَ ذَلِكَ نَظَرَا وَنَظَرْنَا. وَقَدِمَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ عَلَى عُثْمَانَ بِكِتَابِ عَلِيٍّ، فَقَالَ عُثْمَانُ: هَذَا أَمْرٌ آخَرُ غَيْرُ مَا كُنَّا فِيهِ. وَبَعَثَ طَلْحَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute