أَلَمَّ بِيَ الْخَطْبُ الَّذِي لَوْ بَكَيْتُهُ ... حَيَاتِي حَتَّى يَذْهَبَ الدَّمْعُ لَمْ أُلَمْ
قَالَ: وَمَرِضَ أَيَّامًا، فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنَ الْأَوْرَادِ، حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ وَقْتَ السَّحَرِ فِي لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَغُسِّلَ بِالدَّيْرِ، وَحُمِلَ إِلَى مَقْبَرَتِهِ فِي خَلْقٍ كَثِيرٍ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الدَّوْلَةِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَّا حَضَرَ جَنَازَتَهُ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَكَانَ الْحَرُّ شَدِيدًا، فَأَظَلَّتِ النَّاسَ سَحَابَةٌ مِنَ الْحَرِّ كَانَ يُسْمَعُ مِنْهَا كَدَوِيِّ النَّحْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَنْتَهِبُونَ أَكْفَانَهُ، وَقَدْ رَثَاهُ الشُّعَرَاءُ بِمَرَاثٍ حَسَنَةٍ، وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَتَرَكَ مِنَ الْأَوْلَادِ ثَلَاثَةَ ذُكُورٍ; عُمْرَ، وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى، وَالشَّرَفَ عَبْدَ اللَّهِ، وَقَدْ وَلِيَ الْخَطَابَةَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَهُوَ وَالِدُ الْعِزِّ، وَأَحْمَدَ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ الشَّرَفُ عَبْدُ اللَّهِ صَارَتِ الْخَطَابَةُ لِأَخِيهِ شَمْسِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُمَرَ، وَكَانَ مِنْ أَوْلَادِ أَبِيهِ الذُّكُورِ، فَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُ أَبِيهِ الذُّكُورُ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْإِنَاثِ بَنَاتٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: ٥] قَالَ: وَقَبْرُهُ فِي طَرِيقِ مَغَارَةِ الْجُوعِ فِي الزُّقَاقِ الْمُقَابِلِ لِدَيْرِ الْحَوْرَانِيِّ. رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا.
ابْنُ طَبَرْزَدَ شَيْخُ الْحَدِيثِ: عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَمَّرِ بْنِ يَحْيَى الْمَعْرُوفُ بِأَبِي حَفْصِ بْنِ طَبَرْزَدَ الْبَغْدَادِيُّ الدَّارَقَزِّيُّ، وُلِدَ سَنَةَ عَشْرٍ وَخَمْسِمِائَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute