بِمَرْجِ الصُّفَّرِ، فَرَدَّ إِلَيْهِ مَعَ الرَّسُولِ خَطِيبَ دِمَشْقَ جَمَالَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّوْلَعِيَّ، وَاسْتُنِيبَ عَنْهُ فِي الْخَطَابَةِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ عُمَرُ بْنُ يُوسُفَ خَطِيبُ بَيْتِ الْآبَارِ، فَأَقَامَ بِالْعَزِيزِيَّةِ يُبَاشِرُ عَنْهُ، حَتَّى قَدِمَ مَوْتُ الْعَادِلِ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْمَلِكُ الْقَاهِرُ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ، فَأُقِيمَ ابْنُهُ الصَّغِيرُ مَكَانَهُ، ثُمَّ قُتِلَ، وَتَشَتَّتَ شَمْلُ الْبَيْتِ الْأَتَابَكِيِّ، وَتَغَلَّبَ عَلَى الْأُمُورِ بَدْرُ الدِّينِ لُؤْلُؤٌ غُلَامُ أَبِيهِمْ نُورِ الدِّينِ أَرْسَلَانَ.
وَفِيهَا كَانَ عَوْدُ الْوَزِيرِ صَفِيُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شُكْرٍ مِنْ آمِدَ إِلَى دِمَشْقَ بَعْدَ مَوْتِ الْعَادِلِ، فَعَمِلَ فِيهِ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ السَّخَاوِيُّ مَقَامَةً يَمْدَحُهُ فِيهَا وَيُبَالِغُ فِي شُكْرِهِ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ مُتَوَاضِعًا يُحِبُّ الْفُقَهَاءَ، وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّاسِ إِذَا اجْتَازَ بِهِمْ، وَهُوَ رَاكِبٌ فِي أُبَّهَةِ وِزَارَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ نُكِبَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكَامِلَ هُوَ الَّذِي كَانَ سَبَبَ طَرْدِهِ وَإِبْعَادِهِ، كَتَبَ إِلَى أَخِيهِ الْمُعَظَّمِ فِيهِ، فَاحْتَاطَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَعَزَلَ ابْنَهُ عَنِ النَّظَرِ بِالدَّوَاوِينِ، وَقَدْ كَانَ يَنُوبُ عَنْ أَبِيهِ فِي مُدَّةِ غَيْبَتِهِ.
وَفِي رَجَبٍ مِنْهَا أَعَادَ الْمُعَظَّمُ ضَمَانَ الْقِيَانِ وَالْخُمُورِ وَالْمُغَنِّيَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ الَّتِي كَانَ أَبُوهُ قَدْ أَبْطَلَهَا، بِحَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَتَجَاسَرُ أَنْ يَنْقُلَ خَمْرًا إِلَى دِمَشْقَ إِلَّا بِالْحِيلَةِ الْخَفِيَّةِ، وَاعْتَذَرَ الْمُعَظَّمُ فِي صُنْعِهِ هَذَا الْمُنْكَرَ بِقِلَّةِ الْأَمْوَالِ عَلَى الْجُنْدِ، وَاحْتِيَاجِهِمْ إِلَى النَّفَقَاتِ فِي قِتَالِ الْفِرِنْجِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute