[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِي عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا رَسَمَ الْوَزِيرُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَوْكَبِيُّ - وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْمُعَلِّمِ، وَكَانَ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَى السُّلْطَانِ - لِأَهْلِ الْكَرْخِ وَبَابِ الطَّاقِ مِنَ الرَّافِضَةِ بِأَنْ لَا يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْبِدَعِ الَّتِي كَانُوا يَتَعَاطَوْنَهَا فِي عَاشُورَاءَ ; مِنْ تَعْلِيقِ الْمُسُوحِ وَتَغْلِيقِ الْأَسْوَاقِ وَالنِّيَاحَةِ عَلَى الْحُسَيْنِ، فَلَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَدْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ طَمَّاعًا ; رَسَمَ بِأَنْ لَا يُقْبَلَ أَحَدٌ مِنَ الشُّهُودِ مِمَّنِ اسْتَحْدَثَ عَدَالَتَهُ بَعْدَ ابْنِ مَعْرُوفٍ وَكَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ قَدْ بَذَلَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً فِي ذَلِكَ، فَاحْتَاجُوا إِلَى أَنْ جَمَعُوا لَهُ شَيْئًا، فَوَقَعَ لَهُمْ بِالِاسْتِمْرَارِ.
وَلَمَّا كَانَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَعَتِ الدَّيْلَمُ وَالتُّرْكُ عَلَى ابْنِ الْمُعَلِّمِ هَذَا، وَخَرَجُوا بِخِيَامِهِمْ إِلَى بَابِ الشَّمَّاسِيَّةِ، وَرَاسَلُوا بَهَاءَ الدَّوْلَةِ لِيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِمْ، لِسُوءِ مُعَامَلَتِهِ إِيَّاهُمْ، فَدَافَعَ عَنْهُ مُدَافَعَةً عَظِيمَةً فِي مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَلَمْ يَزَالُوا يُرَاسِلُونَهُ فِي أَمْرِهِ حَتَّى خَنَقَ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ الْمُعَلِّمِ فِي حَبْلٍ، وَمَاتَ وَدُفِنَ بِالْمُخَرِّمِ.
وَفِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ سَلَّمَ الْخَلِيفَةُ الطَّائِعُ لِلَّهِ الَّذِي خُلِعَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ خَلِيفَةِ الْوَقْتِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقَادِرِ بِاللَّهِ فَأَمَرَ بِوَضْعِهِ فِي حُجْرَةٍ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute