[ذِكْرُ خَلْعِ الْمَلِكِ السَّعِيدِ]
وَتَوْلِيَةِ أَخِيهِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ سَلَامُشَ
لَمَّا اتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا نَزَلَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ السَّعِيدُ مِنَ الْقَلْعَةِ إِلَى دَارِ الْعَدْلِ فِي سَابِعَ عَشَرَ الشَّهْرِ، وَهُوَ رَبِيعٌ الْآخِرُ، وَحَضَرَ الْقُضَاةُ وَالدَّوْلَةُ مِنْ أُولِي الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، فَخَلَعَ السَّعِيدُ نَفْسَهُ مِنَ السَّلْطَنَةِ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ، وَبَايَعُوا أَخَاهُ بَدْرَ الدِّينِ سَلَامُشَ، وَلُقِّبَ بِالْمَلِكِ الْعَادِلِ، وَعُمْرُهُ يَوْمَئِذٍ سَبْعُ سِنِينَ، وَجَعَلُوا أَتَابِكَهُ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ قَلَاوُونَ الْأَلْفِيَّ الصَّالِحِيَّ، وَخَطَبَ الْخُطَبَاءُ، وَرَسُمَتِ السِّكَّةُ بِاسْمِهِمَا، وَجُعِلَ لِلسَّعِيدِ الْكَرَكَ، وَلِأَخِيهِ خَضِرٍ الشُّوبَكَ، وَكُتِبَتْ بِذَلِكَ مَكَاتِيبُ، وَوَضَعَ الْقُضَاةُ وَالْمُفْتُونَ خُطُوطَهُمْ بِذَلِكَ، وَجَاءَتِ الْبَرِيدِيَّةُ إِلَى الشَّامِ بِالتَّحْلِيفِ لَهُمْ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمِصْرِيُّونَ. وَمُسِكَ الْأَمِيرُ أَيْدَمُرُ نَائِبُ الشَّامِ الظَّاهِرِيُّ، وَاعْتُقِلَ بِالْقَلْعَةِ عِنْدَ نَائِبِهَا، وَكَانَ نَائِبَهَا إِذْ ذَاكَ عَلَمُ الدِّينِ سَنْجَرُ الدَّوَادَارِيُّ، وَأُحِيطَ عَلَى أَمْوَالِ نَائِبِ الشَّامِ وَحَوَاصِلِهِ، وَجَاءَ عَلَى نِيَابَةِ الشَّامِ الْأَمِيرُ شَمْسُ الدِّينِ سُنْقُرُ الْأَشْقَرُ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ، وَتَحَكُّمٍ مَكِينٍ، فَنَزَلَ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَعَظَّمَهُ النَّاسُ وَعَامَلُوهُ مُعَامَلَةَ الْمُلُوكِ، وَعَزَلَ السُّلْطَانُ قُضَاةَ مِصْرَ الثَّلَاثَةَ; الشَّافِعِيَّ وَالْحَنَفِيَّ وَالْمَالِكِيَّ، وَوَلَّوُا الْقَضَاءَ صَدْرَ الدِّينِ عُمَرَ بْنَ الْقَاضِيِ تَاجِ الدِّينِ ابْنِ بِنْتِ الْأَعَزِّ عِوَضًا عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ رَزِينٍ، وَكَأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَزَلُوهُ لِأَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي خَلْعِ الْمَلِكِ السَّعِيدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute