وَصَعِدُوا الْمَنَارَةَ وَهِيَ تَشْتَعِلُ نَارًا، وَاحْتَرَسُوا عَنِ الْجَامِعِ فَلَمْ يَنَلْهُ شَيْءٌ مِنَ الْحَرِيقِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَأَمَّا الْمِئْذَنَةُ فَإِنَّهَا تَفَجَّرَتْ أَحْجَارُهَا، وَاحْتَرَقَتِ السِّقَالَاتُ الَّتِي بَدَلُ السَّلَالِمِ، فَهُدِّمَتْ وَأُعِيدَ بِنَاؤُهَا بِحِجَارَةٍ جُدُدٍ، وَهِيَ الْمَنَارَةُ الشَّرْقِيَّةُ الَّتِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي نُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْبَلَدُ مُحَاصَرٌ بِالدَّجَّالِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النَّصَارَى بَعْدَ لَيَالٍ عَمَدُوا إِلَى نَاحِيَةِ الْجَامِعِ مِنَ الْغَرْبِ إِلَى الْقَيْسَارِيَّةِ الَّتِي يُعْمَلُ فِيهَا سِلَاحُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَقْوَاسِ، فَأَلْقَوْا فِيهَا النِّفْطَ، فَاحْتَرَقَتِ الْقَيْسَارِيَّةُ بِكَمَالِهَا وَبِمَا فِيهَا مِنَ الْأَقْوَاسِ وَالْعُدَدِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَتَطَايَرَ شَرَرُ النَّارِ إِلَى مَا حَوْلَ الْقَيْسَارِيَّةِ مِنَ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَدَارِسِ، وَاحْتَرَقَ جَانِبٌ مِنَ الْمَدْرَسَةِ الْأَمِينِيَّةِ إِلَى جَانِبِ الْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَا كَانَ مَقْصُودُهُمْ إِلَّا وَصُولَ النَّارِ إِلَى مَعْبَدِ الْمُسْلِمِينَ، فَحَالَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَرُومُونَ، وَجَاءَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَالْأُمَرَاءُ وَحَالُوا بَيْنَ الْحَرِيقِ وَالْمَسْجِدِ، جَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرًا.
وَلِمَا تَحَقَّقَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ أَنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِهِمْ، أَمَرَ بِمَسْكِ رُءُوسِ النَّصَارَى، فَأَمْسَكَ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ رَجُلًا، فَأُخَذُوا بِالْمُصَادَرَاتِ، وَالضَّرْبِ، وَالْعُقُوبَاتِ، وَأَنْوَاعِ الْمَثُلَاتِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ صَلَبَ مِنْهُمْ أَزِيدَ مِنْ عَشَرَةٍ عَلَى الْجِمَالِ، وَطَافَ بِهِمْ فِي أَرْجَاءِ الْبِلَادِ، وَجَعَلُوا يَتَمَاوَتُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، ثُمَّ أُحْرِقُوا بِالنَّارِ حَتَّى صَارُوا رَمَادًا، لَعَنَهُمُ اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute