[سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ]
[مَا وَقَعَتْ فِيهَا مِنْ أَحْدَاثٍ]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ عَقَدَ الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ لِأَخِيهِ أَبِي أَحْمَدَ عَلَى دِيَارِ مُضَرَ وَقِنِّسْرِينَ وَالْعَوَاصِمِ وَجَلَسَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مُسْتَهَلَّ رَبِيعٍ الْآخَرِ، فَخَلَعَ عَلَى أَخِيهِ وَعَلَى مُفْلِحٍ، وَرَكِبَا نَحْوَ الْبَصْرَةِ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ فِي عَدَدٍ وَعُدَدٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ مُفْلِحٌ لِلنِّصْفِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى، أَصَابَهُ سَهْمٌ بِلَا نَصْلٍ فِي صَدْرِهِ، فَأَصْبَحَ مَيِّتًا، وَحُمِلَتْ جُثَّتُهُ إِلَى سَامَرَّا وَدُفِنَ بِهَا.
وَفِيهَا أُسِرَ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَحْرَانِيُّ ; أَحَدُ أُمَرَاءِ صَاحِبِ الزَّنْجِ الْكِبَارِ، وَحُمِلَ إِلَى سَامَرَّا، فَضُرِبَ بَيْنَ يَدِيِ الْمُعْتَمِدِ مِائَتَيْ سَوْطٍ، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ مِنْ خِلَافٍ، ثُمَّ خُبِطَ بِالسُّيُوفِ ثُمَّ ذُبِحَ ثُمَّ أُحْرِقَ، وَكَانَ الَّذِينَ أَسَرُوهُ جَيْشَ أَبِي أَحْمَدَ فِي وَقْعَةٍ هَائِلَةٍ مَعَ الزَّنْجِ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ. وَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُهُ صَاحِبَ الزَّنْجِ أَسِفَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ خُوطِبْتُ فِيهِ، فَقِيلَ لِي: قَتْلُهُ كَانَ خَيْرًا لَكَ ; لِأَنَّهُ كَانَ شَرِهًا يُخْفِي مِنَ الْمَغَانِمِ خِيَارَهَا. وَقَدْ كَانَ هَذَا اللَّعِينُ - أَعْنِي صَاحِبَ الزَّنْجِ الْمُدَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ النُّبُوَّةُ فَخِفْتُ أَنْ لَا أَقُومَ بِأَعْبَائِهَا، فَلَمْ أَقْبَلْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute