بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ، وَلَيْسَ مَعَهُ هَارُونُ قَالُوا: فَإِنَّ مُوسَى قَتَلَ هَارُونَ، وَحَسَدَهُ حُبَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَهُ. وَكَانَ هَارُونُ أَكَفَّ عَنْهُمْ وَأَلْيَنَ لَهُمْ مِنْ مُوسَى، وَكَانَ فِي مُوسَى بَعْضُ الْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ لَهُمْ: وَيْحَكُمْ، كَانَ أَخِي أَفَتَرُونِي أَقْتُلُهُ؟ فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ، قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ فَنَزَلَ السَّرِيرُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ إِنَّ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَيْنَمَا هُوَ يَمْشِي وَيُوشَعُ فَتَاهُ، إِذْ أَقْبَلَتْ رِيحٌ سَوْدَاءُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا يُوشَعُ ظَنَّ أَنَّهَا السَّاعَةُ، فَالْتَزَمَ مُوسَى وَقَالَ: تَقُومُ السَّاعَةُ وَأَنَا مُلْتَزِمٌ مُوسَى نَبِيَّ اللَّهِ، فَاسْتَلَّ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ تَحْتِ الْقَمِيصِ، وَتَرَكَ الْقَمِيصَ فِي يَدَيْ يُوشَعَ، فَلَمَّا جَاءَ يُوشَعُ بِالْقَمِيصِ أَخَذَتْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَقَالُوا: قَتَلْتَ نَبِيَّ اللَّهِ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ وَلَكِنَّهُ اسْتَلَّ مِنِّي. فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ وَأَرَادُوا قَتْلَهُ. قَالَ: فَإِذَا لَمْ تُصَدِّقُونِي فَأَخِّرُونِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. فَدَعَا اللَّهَ، فَأَتَى كُلُّ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ يَحْرُسُهُ فِي الْمَنَامِ فَأَخْبَرَ أَنَّ يُوشَعَ لَمْ يَقْتُلْ مُوسَى، وَإِنَّا قَدْ رَفَعْنَاهُ إِلَيْنَا، فَتَرَكُوهُ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ قَرْيَةَ الْجَبَّارِينَ مَعَ مُوسَى، إِلَّا مَاتَ، وَلَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ. وَفِي بَعْضِ هَذَا السِّيَاقِ نَكَارَةٌ وَغَرَابَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنَ التِّيهِ مِمَّنْ كَانَ مَعَ مُوسَى، سِوَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَكَالِبَ بْنِ يُوفَنَّا، وَهُوَ زَوْجُ مَرْيَمَ أُخْتِ مُوسَى وَهَارُونَ، وَهُمَا الرَّجُلَانِ الْمَذْكُورَانِ فِيمَا تَقَدَّمَ اللَّذَانِ أَشَارَا عَلَى مَلَأِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ، وَذَكَرَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَنَّ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مَرَّ بِمَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَحْفِرُونَ قَبْرًا، فَلَمْ يَرَ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَلَا أَنْضَرَ وَلَا أَبْهَجَ، فَقَالَ: يَا مَلَائِكَةَ اللَّهِ لِمَنْ تَحْفِرُونَ هَذَا الْقَبْرَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute