للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا أَجَلُّ وَأَعْظَمُ وَأَبْهَرُ فِي الْمُعْجِزَاتِ، وَأَشْهَرُ وَأَعْظَمُ وَأَعَمُّ وَأَظْهَرُ وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّهُ فِلْقَةُ قَمَرٍ» . وَذَلِكَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ".

وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: قَالُوا: فَإِنَّ مُوسَى أُعْطِيَ الْيَدَ الْبَيْضَاءَ. قُلْنَا لَهُمْ: فَقَدْ أُعْطِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، نُورًا كَانَ يُضِيءُ عَنْ يَمِينِهِ حَيْثُمَا جَلَسَ، وَعَنْ يَسَارِهِ حَيْثُمَا جَلَسَ وَقَامَ، يَرَاهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَدْ بَقِيَ ذَلِكَ النُّورُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُرَى النُّورُ السَّاطِعُ مِنْ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؟ هَذَا لَفْظُهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا النُّورِ غَرِيبٌ جِدًّا، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي السِّيرَةِ عِنْدَ إِسْلَامِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ، أَنَّهُ طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً تَكُونُ لَهُ عَوْنًا عَلَى إِسْلَامِ قَوْمِهِ، فَدَعَا لَهُ وَذَهَبَ إِلَى قَوْمِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ ثَنِيَّةٍ هُنَاكَ، فَسَطَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَالْمِصْبَاحِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَهُ مُثْلَةً. فَتَحَوَّلَ النُّورُ إِلَى طَرَفِ سَوْطِهِ فَجَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ كَالْمِصْبَاحِ، فَهَدَاهُمُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ بِبَرَكَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِدُعَائِهِ لَهُمْ فِي قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ» . وَكَانَ يُقَالُ لِلطُّفَيْلِ: ذُو النُّورِ لِذَلِكَ. وَذَكَرْنَا أَيْضًا حَدِيثَ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ فِي خُرُوجِهِمَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَأَضَاءَ لَهُمَا طَرَفُ عَصَا أَحَدِهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا أَضَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>