للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]

[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]

لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَمِيسِ ثَامِنَ جُمَادَى الْآخِرَةِ نَزَلَ التَّتَارُ عَلَى الْبِيرَةِ فِي ثَلَاثِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ; خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْمَغُولِ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الرُّومِ، وَالْمُقَدَّمُ عَلَى الْجَمِيعِ الْبَرْوَانَاهْ، بِأَمْرِ أَبْغَا مَلِكِ التَّتَرِ، وَمَعَهُمْ جَيْشُ الْمَوْصِلِ وَجَيْشُ مَارِدِينَ وَالْأَكْرَادُ، وَنَصَبُوا عَلَيْهَا ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ مَنْجَنِيقًا، فَخَرَجَ أَهْلُ الْبِيرَةِ فِي اللَّيْلِ، فَكَبَسُوا عَسْكَرَ التَّتَارِ وَأَحْرَقُوا الْمَنْجَنِيقَاتِ وَنَهَبُوا شَيْئًا كَثِيرًا، وَرَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ سَالِمِينَ، فَأَقَامَ عَلَيْهَا الْجَيْشُ مُدَّةً إِلَى تَاسِعَ عَشَرَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْهَا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا.

وَلَمَّا بَلَغَ السُّلْطَانَ نُزُولُ التَّتَرِ عَلَى الْبِيرَةِ أَنْفَقَ فِي الْجَيْشِ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ رَكِبَ سَرِيعًا وَفِي صُحْبَتِهِ وَلَدُهُ السَّعِيدُ، فَلَمَّا كَانَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ بَلَغَهُ رَحِيلُ التَّتَرِ عَنْهَا، فَعَادَ إِلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ رَكِبَ فِي رَجَبٍ إِلَى الْقَاهِرَةِ، فَدَخَلَهَا فِي ثَامِنَ عَشَرَ، فَوَجَدَ بِهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ رَسُولًا مِنْ جِهَةِ مُلُوكِ الْأَرْضِ يَنْتَظِرُونَهُ، فَتَلَقَّوْهُ وَحَدَّثُوهُ وَقَبَّلُوا الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَدَخَلَ الْقَلْعَةَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ.

وَلَمَّا عَادَ الْبَرْوَانَاهْ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ حَلَّفَ الْأُمَرَاءَ الْكِبَارَ; مِنْهُمْ: شَرَفُ الدِّينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>