[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
فِيهَا أَخْرَجَ الْحَجَّاجُ مُقَاتِلَةَ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا، وَانْضَافَ عَلَيْهِمْ عَشَرَةُ آلَافٍ، فَصَارُوا خَمْسِينَ أَلْفًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ لِشَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ أَيْنَ كَانَ، وَأَنْ يُصَمِّمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ مَعَهُ، وَكَانُوا قَدْ تَجَمَّعُوا أَلْفَ رَجُلٍ، وَأَنْ لَا يَفْعَلُوا كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ قَبْلَهَا مِنَ الْفِرَارِ وَالْهَزِيمَةِ.
وَلَمَّا بَلَغَ شَبِيبًا مَا بَعَثَ بِهِ الْحَجَّاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْجُنُودِ، لَمْ يَعْبَأْ بِهِمْ شَيْئًا، بَلْ قَامَ فِي أَصْحَابِهِ خَطِيبًا، فَوَعَظَهُمْ وَذَكَّرَهُمْ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الصَّبْرِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَمُنَاجَزَةِ الْأَعْدَاءِ، ثُمَّ سَارَ شَبِيبٌ بِأَصْحَابِهِ نَحْوَ عَتَّابِ بْنِ وَرْقَاءَ، فَالْتَقَيَا فِي آخِرِ النَّهَارِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأَمَرَ شَبِيبٌ مُؤَذِّنَهُ سَلَّامَ بْنَ سَيَّارٍ الشَّيْبَانِيَّ فَأَذَّنَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ صَلَّى شَبِيبٌ بِأَصْحَابِهِ الْمَغْرِبَ، وَصَفَّ عَتَّابٌ أَصْحَابَهُ - وَكَانَ قَدْ خَنْدَقَ حَوْلَ جَيْشِهِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ - فَلَمَّا صَلَّى شَبِيبٌ بِأَصْحَابِهِ الْمَغْرِبَ انْتَظَرَ حَتَّى طَلَعَ الْقَمَرُ وَأَضَاءَ، تَأَمَّلَ الْمَيْمَنَةَ وَالْمَيْسَرَةَ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى أَصْحَابِ رَايَاتِ عَتَّابٍ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا شَبِيبٌ أَبُو الْمُدَلَّهِ، لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ. فَهَزَمَهُمْ، وَقُتِلَ أَمِيرُهُمْ قَبِيصَةُ بْنُ وَالِقٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ مَعَهُ، ثُمَّ كَرَّ عَلَى الْمَيْمَنَةِ وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ، فَفَرَّقَ شَمْلَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَصَدَ الْقَلْبَ، فَمَا زَالَ حَتَّى قُتِلَ الْأَمِيرُ عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute