للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ جَاءَ فَنَزَلَ حُمَاةَ، وَكَانَتِ الرُّومُ قَدْ خَرَّبَتْ حِمْصَ فَسَعَى فِي عِمَارَتِهَا وَتَرْمِيمِهَا وَسَكَنَهَا، ثُمَّ إِنَّ قَرْعُوَيْهِ اسْتَنَابَ فِي حَلَبَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ: بَكْجُورُ، فَتَغَلَّبَ عَلَيْهِ وَسَجَنَ مَوْلَاهُ قَرْعُوَيْهِ بِقَلْعَتِهَا نَحْوًا مِنْ سِتِّ سِنِينَ، فَكَتَبَ أَهْلُ حَلَبَ إِلَى أَبِي الْمَعَالِي وَهُوَ بِحِمْصَ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهِمْ، فَسَارَ فَحَاصَرَ حَلَبَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَافْتَتَحَهَا وَامْتَنَعَتِ الْقَلْعَةُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَحَصَّنَ بِهَا بَكْجُورُ ثُمَّ اصْطَلَحَ مَعَ أَبِي الْمَعَالِي عَلَى أَنْ يُؤَمِّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَسْتَنِيبَهُ بِحِمْصَ، فَفَعَلَ، فَنَابَ لَهُ بَكْجُورُ بِحِمْصَ، ثُمَّ انْتَقَلَ فِي وَقْتٍ إِلَى نِيَابَةِ دِمَشْقَ وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ هَذِهِ الْمَزْرَعَةُ ظَاهِرَ دِمَشْقَ مِنْ غَرْبِهَا، الَّتِي تُعْرَفُ بِالْقَصْرِ الْبَكْجُورِيِّ.

ابْتِدَاءُ مُلْكِ سُبُكْتِكِينَ، وَالِدِ مَحْمُودٍ صَاحِبِ غَزْنَةَ

وَقَدْ كَانَ سُبُكْتِكِينَ مَوْلًى لِلْأَمِيرِ أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ أَلِبْتِكِينَ صَاحِبِ جَيْشِ غَزْنَةَ وَأَعْمَالِهَا لِلسَّامَانِيَّةِ، وَلَيْسَ هَذَا بِحَاجِبِ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ ذَاكَ، تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذِهِ السَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا هَذَا فَإِنَّهُ لَمَّا مَاتَ مَوْلَاهُ لَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا يَصْلُحُ لِلْمُلْكِ مِنْ بَعْدِهِ لَا مِنْ وَلَدِهِ وَلَا مِنْ قَوْمِهِ، فَاصْطَلَحَ الْجَيْشُ عَلَى مُبَايَعَةِ سُبُكْتِكِينَ هَذَا ; لِخَيْرِهِ فِيهِمْ، وَحُسْنِ سِيرَتِهِ، وَكَمَالِ عَقْلِهِ، وَشَجَاعَتِهِ، وَدِيَانَتِهِ، فَاسْتَقَرَّ الْمُلْكُ بِيَدِهِ، وَاسْتَمَرَّ مِنْ بَعْدِهِ فِي وَلَدِهِ السَّعِيدِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ، وَقَدْ غَزَا سُبُكْتِكِينُ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>