الْقَلْعَةِ لَا يَشُكُّونَ فِي وِلَايَتِهِ الْمُلْكَ، فَسَلَكَ نَحْوَ الْقَلْعَةِ، فَلَمَّا جَاوَزَ الْعِمَادِيَّةَ عَطَفَ بِرَأْسِ فَرَسِهِ نَحْوَ بَابِ الْفَرَجِ، فَصَرَخَتِ الْعَامَّةُ: لَا، لَا، لَا. فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ الْقَابُونَ عِنْدَ وَطْأَةِ بَرْزَةَ. فَعَزَمَ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ الْأَشْرَفِيَّةِ عَلَى مَسْكِهِ، فَسَاقَ فَبَاتَ بِقَصْرِ أُمِّ حَكِيمٍ، وَسَاقُوا وَرَاءَهُ، فَتَقَدَّمَ إِلَى عَجْلُونَ، فَتَحَصَّنَ بِهَا وَأَمِنَ.
وَأَمَّا الْجَوَادُ فَإِنَّهُ رَكِبَ فِي أُبَّهَةِ الْمُلْكِ، وَأَنْفَقَ الْأَمْوَالَ وَالْخِلَعَ عَلَى الْأُمَرَاءِ. قَالَ السِّبْطُ: فَرَّقَ سِتَّةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسَةَ آلَافِ خِلْعَةٍ، وَأَبْطَلَ الْمُكُوسَ وَالْخُمُورَ، وَنَفَى الْخَوَاطِئَ، وَاسْتَقَرَّ مُلْكُهُ بِدِمَشْقَ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ الشَّامِيُّونَ وَالْمِصْرِيُّونَ، وَرَحَلَ النَّاصِرُ دَاوُدُ مِنْ عَجْلُونَ نَحْوَ غَزَّةَ وَبِلَادِ السَّاحِلِ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهَا، فَرَكِبَ الْجَوَادُ فِي طَلَبِهِ، وَمَعَهُ الْعَسَاكِرُ الشَّامِيَّةُ وَالْمِصْرِيَّةُ، وَقَالَ لِلْأَشْرَفِيَّةِ: كَاتِبُوهُ وَأَطْمِعُوهُ. فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَيْهِ كُتُبُهُمْ طَمِعَ فِي مُوَافَقَتِهِمْ، فَرَجَعَ فِي سَبْعِمِائَةِ رَاكِبٍ إِلَى نَابُلُسَ، فَقَصَدَهُ الْجَوَادُ وَهُوَ نَازِلٌ عَلَى جِينِينَ، وَالنَّاصِرُ عَلَى سَبَسْطِيَةَ، فَهَرَبَ مِنْهُ النَّاصِرُ، فَاسْتَحْوَذُوا عَلَى حَوَاصِلِهِ وَأَثْقَالِهِ، فَاسْتَغْنَوْا بِهَا، وَافْتَقَرَ بِسَبَبِهَا فَقْرًا مُدْقِعًا، وَرَجَعَ النَّاصِرُ إِلَى الْكَرَكِ جَرِيدَةً قَدْ سُلِبَ أَمْوَالَهُ وَأَثْقَالَهُ، وَعَادَ الْجَوَادُ إِلَى دِمَشْقَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا.
وَفِيهَا اخْتَلَفَتِ الْخُوَارَزْمِيَّةُ عَلَى الْمَلِكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّينِ أَيُّوبَ بْنِ الْكَامِلِ صَاحِبِ كَيْفَا وَتِلْكَ النَّوَاحِي، وَعَزَمُوا عَلَى الْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَهَرَبَ مِنْهُمْ وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُ وَأَثْقَالَهُ، وَلَجَأَ إِلَى سِنْجَارَ، فَقَصَدَهُ بَدْرُ الدِّينِ لُؤْلُؤٌ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute