للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِغَدَائِهِ فَقَالَ لِحَاجِبِهِ: انْظُرْ مَنْ يَأْكُلُ مَعِي. فَذَهَبَ فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ نَائِمٌ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: أَجِبِ الْأَمِيرَ. فَقَامَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ قَالَ لَهُ: اغْسِلْ يَدَيْكَ ثُمَّ تَغَدَّ مَعِي. فَقَالَ: إِنَّهُ دَعَانِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ فَأَجَبْتُهُ. قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُ دَعَانِي إِلَى الصَّوْمِ فَأَجَبْتُهُ. قَالَ: فِي هَذَا الْحَرِّ الشَّدِيدِ؟ قَالَ: نَعَمْ صُمْتُ لِيَوْمٍ هُوَ أَشَدُّ حَرًّا مِنْهُ. قَالَ: فَأَفْطِرْ وَصُمْ غَدًا. قَالَ: إِنْ ضَمِنْتَ لِيَ الْبَقَاءَ إِلَى غَدٍ. قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ. قَالَ: فَكَيْفَ تَسْأَلُنِي عَاجِلًا بِآجِلٍ لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: إِنَّ طَعَامَنَا طَعَامٌ طَيِّبٌ. قَالَ: لَمْ تُطَيِّبْهُ أَنْتَ وَلَا الطَّبَّاخُ، إِنَّمَا طَيَّبَتْهُ الْعَافِيَةُ.

[فَصْلُ كَيْفِيَّةِ دُخُولِ الْحَجَّاجِ الْكُوفَةَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ]

قَدْ ذَكَرْنَا كَيْفِيَّةَ دُخُولِ الْحَجَّاجِ الْكُوفَةَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ، وَخُطْبَتَهُ إِيَّاهُمْ بَغْتَةً، وَتَهْدِيدَهُ وَوَعِيدَهُ إِيَّاهُمْ، وَأَنَّهُمْ خَافُوهُ مَخَافَةً شَدِيدَةً، وَأَنَّهُ قَتَلَ عُمَيْرَ بْنَ ضَابِئٍ، وَكَذَلِكَ قَتَلَ كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ صَبْرًا أَيْضًا، ثُمَّ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي قِتَالِ ابْنِ الْأَشْعَثِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ; مِنْ ظَفَرِهِ بِهِ بَعْدَ الْمُطَاوَلَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ، وَتَسَلُّطِهِ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الرُّؤَسَاءِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْعُبَّادِ وَالْقُرَّاءِ، حَتَّى كَانَ آخِرُ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ الْقَاضِي الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْكَلْبِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>