للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ

فِيهَا عُدِمَ الْحَاكِمُ الْعُبَيْدِيُّ صَاحِبُ مِصْرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الثُّلَاثَاءِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ فُقِدَ الْحَاكِمُ بْنُ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُعِزِّ الْفَاطِمِيُّ صَاحِبُ مِصْرَ، فَاسْتَبْشَرَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ جَبَّارًا عَنِيدًا، وَشَيْطَانًا مَرِيدًا، وَلْنَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِ الْقَبِيحَةِ، وَسِيرَتِهِ الْمَلْعُونَةِ:

كَانَ قَبَّحَهُ اللَّهُ كَثِيرَ التَّلَوُّنِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ، جَائِرًا فِي كَيْفِيَّةِ بُلُوغِهِ مَا يَأْمَلُهُ مِنْ ضَمِيرِهِ الْمَلْعُونِ; لِأَنَّهُ كَانَ يَرُومُ أَنْ يَدَّعِيَ الْأُلُوهِيَّةَ كَمَا ادَّعَاهَا فِرْعَوْنُ فِي زَمَانِ مُوسَى، .

وَكَانَ قَدْ أَمَرَ الرَّعِيَّةَ إِذَا ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَنَّ يَقُومَ النَّاسُ عَلَى أَقْدَامِهِمْ صُفُوفًا; إِعْظَامًا لِذِكْرِهِ وَاحْتِرَامًا لِاسْمِهِ، فَكَانَ يُفْعَلُ هَذَا فِي سَائِرِ مَمَالِكِهِ حَتَّى فِي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَكَانَ أَهْلُ مِصْرَ عَلَى الْخُصُوصِ إِذَا قَامُوا خَرُّوا سُجُودًا، حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْجُدُ بِسُجُودِهِمْ مَنْ فِي الْأَسْوَاقِ مِنَ الرَّعَاعِ وَغَيْرِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>