أَيُّهُمَا الَّذِي لَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْهُ وَمِنَ الْفِكَاكِ، وَتَرَكَهُ.
وَحَكَى عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا فِي زَمَنِ الْوَاثِقِ فِي ضِيقٍ شَدِيدٍ، فَكَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي: إِنَّ عِنْدِي أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي وَلَيْسَتْ صَدَقَةً وَلَا زَكَاةً فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقْبَلَهَا مِنِّي. فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَرَّرَ عَلَيْهِ فَأَبَى، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ حِينِ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فَقَالَ: لَوْ كُنَّا قَبِلْنَاهَا كَانَتْ قَدْ ذَهَبَتْ.
وَعَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ التُّجَّارِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ رِبْحًا مِنْ بِضَاعَةٍ جَعَلَهَا بِاسْمِهِ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَالَ: نَحْنُ فِي كِفَايَةٍ، وَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ قَصْدِكَ خَيْرًا، وَعَرَضَ عَلَيْهِ تَاجِرٌ آخَرُ ثَلَاثَةً آلَافِ دِينَارٍ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا وَقَامَ وَتَرَكَهُ.
وَنَفَدَتْ نَفَقَةُ أَحْمَدَ وَهُوَ فِي الْيَمَنِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ شَيْخُهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِلْءَ كَفِّهِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ: نَحْنُ فِي كِفَايَةٍ وَلَمْ يَقْبَلْهَا. وَسُرِقَتْ ثِيَابُهُ وَهُوَ بِالْيَمَنِ فَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَافْتَقَدَهُ أَصْحَابُهُ فَجَاءُوا إِلَيْهِ فَسَأَلُوهُ فَأَخْبَرَهُمْ، فَعَرَضُوا عَلَيْهِ ذَهَبًا فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ إِلَّا دِينَارًا وَاحِدًا ; لِيَكْتُبَ لَهُمْ بِهِ فَكَتَبَ لَهُمْ بِالْأَجْرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَتْ مَجَالِسُ أَحْمَدَ مَجَالِسَ الْآخِرَةِ، لَا يُذْكَرُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَمَا رَأَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ذَكَرَ الدُّنْيَا قَطُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute