يَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ، فَيَضَعُ رِجْلَهُ فِي الْقَيْدِ، فَأَطْلَقَتْهُ، وَرَكِبَ فَرَسَ سَعْدٍ وَخَرَجَ فَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا، وَجَعَلَ سَعْدٌ يَنْظُرُ إِلَى فَرَسِهِ فَيَعْرِفُهَا وَيُنْكِرُهَا، وَيُشَبِّهُهُ بِأَبِي مِحْجَنٍ، وَلَكِنْ يَشُكُّ لِظَنِّهِ أَنَّهُ فِي الْقَصْرِ مُوثَقٌ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ رَجَعَ فَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي قَيْدِهَا، وَنَزَلَ سَعْدٌ فَوَجَدَ فَرَسَهُ يَعْرِقُ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَذَكَرُوا لَهُ قِصَّةَ أَبِي مِحْجَنٍ، فَرْضِيَ عَنْهُ وَأَطْلَقُهُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
نُقَاتِلُ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ ... وَسَعْدٌ بِبَابِ الْقَادِسِيَّةِ مُعْصِمُ
فَأُبْنَا وَقَدْ آمَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... وَنِسْوَةُ سَعْدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أَيِّمُ
فَيُقَالُ: إِنَّ سَعْدًا نَزَلَ إِلَى النَّاسِ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقُرُوحِ فِي فَخِذَيْهِ وَأَلْيَتَيْهِ، فَعَذَرَهُ النَّاسُ. وَذَكَرُوا أَنَّهُ دَعَا عَلَى قَائِلِ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا أَوْ قَالَ الَّذِي قَالَ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَكَذِبًا فَاقْطَعْ لِسَانَهُ وَيَدَهُ. فَجَاءَهُ سَهْمٌ وَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَوَقَعَ فِي لِسَانِهِ فَبَطَلَ شِقُّهُ، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى مَاتَ. رَوَاهُ سَيْفٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، فَذَكَرَهُ. وَقَالَ سَيْفٌ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ الْحَارِثِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ:
أَنَا جَرِيرٌ كُنْيَتِي أَبُو عَمِرْو ... قَدْ فَتَحَ اللَّهُ وَسَعْدٌ فِي الْقَصِرْ
فَأَشْرَفَ سَعْدٌ مِنْ قَصْرِهِ وَقَالَ:
وَمَا أَرْجُو بَجِيلَةَ غَيْرَ أَنِّي ... أُؤَمِّلُ أَجْرَهَا يَوْمَ الْحِسَابِ
وَقَدْ لَقِيَتْ خُيُولُهُمْ خُيُولًا ... وَقَدْ وَقَعَ الْفَوَارِسُ فِي الضِّرَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute