وَكَانَ عُمْرُهُ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعًا وَسِتِّينَ سَنَةً. وَرَآهُ بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مِنْ نَخْلَةٍ إِلَى نَخْلَةٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر: ٧٤] .
أَبُو دُلَامَةَ
زَنْدُ بْنُ الْجَوْنِ، الشَّاعِرُ الْمَاجِنُ، أَحَدُ الظُّرَفَاءِ، أَصْلُهُ مِنَ الْكُوفَةِ، وَأَقَامَ بِبَغْدَادَ، وَحَظِيَ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ; لِأَنَّهُ كَانَ يُضْحِكُهُ، وَيُنْشِدُهُ وَيَمْدَحُهُ; حَضَرَ يَوْمًا جِنَازَةَ امْرَأَةِ الْمَنْصُورِ وَابْنَةِ عَمِّهِ حَمَّادَةَ بِنْتِ عِيسَى، وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدْ وَجِدَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا شَهِدَ الْقَبْرَ نَظَرَ إِلَيْهِ الْمَنْصُورُ ثُمَّ قَالَ لِأَبِي دُلَامَةَ: وَيْحَكَ يَا أَبَا دُلَامَةَ! مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا؟ فَقَالَ: ابْنَةَ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَضَحِكَ الْمَنْصُورُ حَتَّى اسْتَلْقَى، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ! فَضَحْتَنَا بَيْنَ النَّاسِ.
وَدَخَلَ يَوْمًا عَلَى الْمَهْدِيِّ يُهَنِّئُهُ بِقُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ وَأَنْشَدَهُ:
إِنِّي حَلَفْتُ لَئِنْ رَأَيْتُكُ سَالِمًا ... بِقُرَى الْعِرَاقِ وَأَنْتَ ذُو وَفْرِ
لَتُصَلِّيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ... وَلَتَمْلَأَنَّ دَرَاهِمًا حِجْرِي
فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا. فَقَالَ: هُمَا كَلِمَتَانِ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. فَمَلَأَ حِجْرَهُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: قُمْ. فَقَالَ: إِذًا يَنْخَرِقُ قَمِيصِي. فَأُفْرِغَتْ فِي أَكْيَاسِهَا، ثُمَّ قَامَ وَأَخَذَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute