فَقَالَ: " أَيُّكُمْ يَقْضِي عَنِّي دَيْنِي، وَيَكُونُ خَلِيفَتِي فِي أَهْلِي؟ ". قَالَ: فَسَكَتُوا وَسَكَتَ الْعَبَّاسُ خَشْيَةَ أَنْ يُحِيطَ ذَلِكَ بِمَالِهِ، قَالَ: وَسَكَتُّ أَنَا لِسِنِّ الْعَبَّاسِ ثُمَّ قَالَهَا مَرَّةً أُخْرَى، فَسَكَتَ الْعَبَّاسُ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " أَنْتَ ". قَالَ وَإِنِّي يَوْمَئِذٍ لَأَسْوَأُهُمْ هَيْئَةً، وَإِنِّي لَأَعْمَشُ الْعَيْنَيْنِ، ضَخْمُ الْبَطْنِ، حَمْشُ السَّاقَيْنِ.» وَهَذِهِ الطَّرِيقُ فِيهَا شَاهِدٌ لِمَا تَقَدَّمَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ فِيهَا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ " مِنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ وَرَبِيعَةَ بْنِ نَاجِذٍ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، أَوْ كَالشَّاهِدِ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «مَنْ يَقْضِي عَنِّي دَيْنِي وَيَكُونُ خَلِيفَتِي فِي أَهْلِي» يَعْنِي: إِذَا مُتُّ، وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَشِيَ إِذَا قَامَ بِإِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ إِلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَاسْتَوْثَقَ مَنْ يَقُومُ بَعْدَهُ بِمَا يُصْلِحُ أَهْلَهُ، وَيَقْضِي عَنْهُ، وَقَدْ أَمَّنَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] الْآيَةَ. [الْمَائِدَةِ: ٦٧]
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَمَرَّ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لَيْلًا وَنَهَارًا، وَسِرًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute