ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ حِينَ عَقَدَ لِابْنِهِ مَسْلَمَةَ عَلَى غَزْوِ بِلَادِ الرُّومِ وَلَّى عَلَى رُؤَسَاءِ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ الْبَطَّالَ وَقَالَ لِابْنِهِ مَسْلَمَةَ: صَيِّرْهُ عَلَى طَلَائِعِكَ، وَأْمُرْهُ فَلْيُعَسَّ بِاللَّيْلِ الْعَسْكَرَ، فَإِنَّهُ أَمِينٌ ثِقَةٌ مِقْدَامٌ شُجَاعٌ. وَخَرَجَ مَعَهُمْ عَبْدُ الْمَلِكِ يُشَيِّعُهُمْ إِلَى بَابِ دِمَشْقَ.
قَالَ: فَقَدَّمَ مَسْلَمَةُ الْبَطَّالَ عَلَى عَشَرَةِ آلَافٍ يَكُونُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ تُرْسًا مِنَ الرُّومِ أَنْ يَصِلُوا إِلَى جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ - شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ أَنْطَاكِيَةَ - قَالَ: كُنْتُ أَغَازِي الْبَطَّالَ وَقَدْ أَوْطَأَ الرُّومَ ذُلًّا، قَالَ الْبَطَّالُ: فَسَأَلَنِي بَعْضُ وُلَاةِ بَنِي أُمَيَّةَ عَنْ أَعْجَبِ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِي فِيهِمْ، فَقُلْتُ لَهُ: خَرَجْتُ فِي سِرِّيَّةٍ لَيْلًا، فَدَفَعْنَا إِلَى قَرْيَةٍ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: أَرْخُوا لُجُمَ خُيُولِكُمْ وَلَا تُحَرِّكُوا أَحَدًا بِقَتْلٍ وَلَا بِسَبْيٍ حَتَّى تَشْحَنُوا الْقَرْيَةَ فَإِنَّهُمْ فِي نَوْمَةٍ. فَفَعَلُوا وَافْتَرَقُوا فِي أَزِقَّتِهَا، فَدَفَعْتُ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِي إِلَى بَيْتٍ يَزْهَرُ سِرَاجُهُ، وَإِذَا امْرَأَةٌ تُسَكِّتُ ابْنَهَا مِنْ بُكَائِهِ وَهِيَ تَقُولُ: لَتَسْكُتْنَّ أَوْ لَأَدْفَعَنَّكَ إِلَى الْبَطَّالِ يَذْهَبُ بِكَ. وَانْتَشَلَتْهُ مِنْ سَرِيرِهِ وَقَالَتْ: أَمْسِكْ يَا بِطَّالُ. قَالَ: فَأَخَذْتُهُ.
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي مَرْوَانَ الْأَنْطَاكِيِّ عَنِ الْبَطَّالِ قَالَ: انْفَرَدْتُ مَرَّةً عَلَى فَرَسِي، لَيْسَ مَعِي أَحَدٌ مِنَ الْجُنْدِ، وَقَدْ سَمَّطْتُ خَلْفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute