للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ خَبَرِ الْمَائِدَةِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [الْمَائِدَةِ: ١١٢ - ١١٥]. قَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّفْسِيرِ الْآثَارَ الْوَارِدَةَ فِي نُزُولِ الْمَائِدَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنَ السَّلَفِ، وَمَضْمُونُ ذَلِكَ، أَنَّ عِيسَى، ، أَمَرَ الْحَوَارِيِّينَ بِصِيَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا أَتَمُّوهَا سَأَلُوا مِنْ عِيسَى إِنْزَالَ مَائِدَةٍ مِنَ السَّمَاءِ عَلَيْهِمْ لِيَأْكُلُوا مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ بِذَلِكَ قُلُوبُهُمْ، أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَقَبَّلَ صِيَامَهُمْ وَأَجَابَهُمْ إِلَى طَلِبَتِهِمْ، وَتَكُونَ لَهُمْ عِيدًا يُفْطِرُونَ عَلَيْهَا يَوْمَ فِطْرِهِمْ، وَتَكُونَ كَافِيَةً لِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، لِغَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ، فَوَعَظَهُمْ عِيسَى، ، فِي ذَلِكَ وَخَافَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَقُومُوا بِشُكْرِهَا، وَلَا يُؤَدُّوا حَقَّ شُرُوطِهَا، فَأَبَوْا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ رَبِّهِ، ﷿، فَلَمَّا لَمْ يُقْلِعُوا عَنْ ذَلِكَ، قَامَ إِلَى مُصَلَّاهُ وَلَبِسَ مِسْحًا مِنْ شَعْرٍ، وَصَفَّ بَيْنَ قَدَمَيْهِ وَأَطْرَقَ رَأْسَهُ، وَأَسْبَلَ عَيْنَيْهِ بِالْبُكَاءِ، وَتَضَرَّعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>