قَالَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِ الْحَجَّاجِ أَنَّهُ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، وَسَارَ سَبْعًا وَهُوَ وَجِلٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَسْتَعْفِيهِ مِنْ وِلَايَةِ الْعِرَاقِ ; لِيَعْلَمَ مَكَانَتَهُ عِنْدَهُ، فَجَاءَ الْكِتَابُ بِالتَّقْرِيعِ وَالتَّأْنِيبِ وَالتَّوْبِيخِ، وَالْأَمْرِ بِالثَّبَاتِ وَالِاسْتِمْرَارِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ الْحَجَّاجَ جَلَسَ يَوْمًا مُفَكِّرًا، وَاسْتَدْعَى بِعُبَيْدِ بْنِ مَوْهَبٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا عُبَيْدُ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَذْكُرُونَ أَنَّ مَا تَحْتَ يَدِي سَيَلِيهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: يَزِيدُ. وَقَدْ تَذَكَّرْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي كَبْشَةَ وَيَزِيدَ بْنَ حُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَيَزِيدَ بْنَ دِينَارٍ، فَلَيْسُوا هُنَاكَ وَمَا هُوَ - إِنْ كَانَ - إِلَّا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ، فَقَالَ عُبَيْدٌ: لَقَدْ شَرَّفْتَهُمْ، وَعَظَّمْتَ وِلَايَتَهُمْ، وَإِنَّ لَهُمْ لَعَدَدًا وَجَلَدًا وَحَظًّا فَأَخْلِقْ بِهِ. فَأَجْمَعَ رَأْيُ الْحَجَّاجِ عَلَى عَزْلِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يَذُمُّهُ وَيُخَوِّفُهُ غَدْرُهُ، وَيُخْبِرُهُ بِمَا أَخْبَرَهُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْخُ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: قَدْ أَكْثَرْتَ فِي شَأْنِ يَزِيدَ، فَسَمِّ رَجُلًا يَصْلُحُ لِخُرَاسَانَ، فَوَقَعَ اخْتِيَارُ الْحَجَّاجِ عَلَى الْمُفَضَّلِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، فَوَلَّاهُ قَلِيلًا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَغَزَا بَاذَغِيسَ وَغَيْرَهَا، وَغَنِمَ مَغَانِمَ كَثِيرَةً، وَامْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ ثُمَّ عَزَلَهُ بِقُتَيْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ بِتِرْمِذَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute