للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا لَمْ أَنْظُرْ فِيمَا يَلْزَمُنِي مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَيَعْنِينِي، فَمَنْ يَنْظُرُ فِيهِ؟ فَكُفَّ عَنِّي يَا بُنَيَّ.

وَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ خَبَرُ مَا صَنَعَ الْقَوْمُ بِالْبَصْرَةِ، كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ: إِنِّي قَدِ اخْتَرْتُكُمْ عَلَى الْأَمْصَارِ، وَفَزِعْتُ إِلَيْكُمْ لِمَا حَدَثَ، فَكُونُوا لِدِينِ اللَّهِ أَعْوَانًا وَأَنْصَارًا، وَانْهَضُوا إِلَيْنَا، فَالْإِصْلَاحَ نُرِيدُ لِتَعُودَ هَذِهِ الْأُمَّةُ إِخْوَانًا. فَمَضَيَا وَأَرْسَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَخَذَ مَا أَرَادَ مِنْ سِلَاحٍ وَدَوَابٍّ، وَقَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَعَزَّنَا بِالْإِسْلَامِ وَرَفَعَنَا بِهِ، وَجَعَلَنَا بِهِ إِخْوَانًا بَعْدَ ذِلَّةٍ وَقِلَّةٍ وَتَبَاغُضٍ وَتَبَاعُدٍ، فَجَرَى النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ; الْإِسْلَامُ دِينُهُمْ، وَالْحَقُّ قَائِمٌ بَيْنَهُمْ، وَالْكِتَابُ إِمَامُهُمْ، حَتَّى أُصِيبَ هَذَا الرَّجُلُ بِأَيْدِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَذَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ لِيَنْزِغَ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، أَلَا وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا بُدَّ مُفْتَرِقَةٌ كَمَا افْتَرَقَتِ الْأُمَمُ قَبْلَهَا، فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ مَا هُوَ كَائِنٌ. ثُمَّ عَادَ ثَانِيَةً فَقَالَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ أَنْ يَكُونَ، أَلَا وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً ; شَرُّهَا فِرْقَةٌ تُحِبُّنِي وَلَا تَعْمَلُ بِعَمَلِي، وَقَدْ أَدْرَكْتُمْ وَرَأَيْتُمْ، فَالْزَمُوا دِينَكُمْ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ، وَاتَّبِعُوا سُنَّتَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>