فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ قَائِلًا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ وَهَنَّادٌ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا مَا فِيهَا شِرَاءٌ وَلَا بَيْعٌ إِلَّا الصُّوَرَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا» ". فَإِنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ، كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَيُحْمَلُ مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الرِّجَالَ إِنَّمَا يَشْتَهُونَ الدُّخُولَ فِي مِثْلِ صُوَرِ الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ النِّسَاءُ، وَيَكُونُ مُفَسَّرًا بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ الشَّكْلُ، وَالْهَيْئَةُ، وَالْبَشَرَةُ، وَاللِّبَاسُ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سُوقِ الْجَنَّةِ: " فَيُقْبِلُ ذُو الْبِزَّةِ الْمُرْتَفِعَةِ، فَيَلْقَى مَنْ دُونَهُ، فَيُرَوِّعُهُ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللِّبَاسِ وَالْهَيْئَةِ، فَمَا يَنْقَضِي آخِرُ حَدِيثِهِ حَتَّى يَتَمَثَّلَ عَلَيْهِ أَحْسَنُ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْزَنَ فِيهَا ".
هَذَا إِنْ كَانَ قَدْ حَفِظَ لَفْظَ الْحَدِيثِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ، فَإِنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْحَارِثِ، وَهُوَ أَبُو شَيْبَةَ الْوَاسِطِيُّ، وَيُقَالُ: الْكُوفِيُّ. رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَخَالِهِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَهُشَيْمٌ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَكَذَّبَهُ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي أَحَادِيثَ رَفَعَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute