يُطْلِقَ لَهُ خَرَاجَ أَرْضِهِ سَبْعَ سِنِينَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ غَدَرَ رُتْبِيلُ بِابْنِ الْأَشْعَثِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ صَبْرًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ وَقِيلَ: بَلْ كَانَ ابْنُ الْأَشْعَثِ قَدْ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا فَقَتَلَهُ وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ قَبَضَ عَلَيْهِ وَعَلَى ثَلَاثِينَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَقَيَّدَهُمْ فِي الْأَصْفَادِ، وَبَعَثَ بِهِمْ مَعَ رُسُلِ الْحَجَّاجِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: الرُّخَّجُ، صَعِدَ ابْنُ الْأَشْعَثِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْحَدِيدِ إِلَى سَطْحِ قَصْرٍ، وَمَعَهُ رَجُلٌ مُوكَّلٌ بِهِ; لِئَلَّا يَفِرَّ، وَأَلْقَى نَفْسَهُ مِنْ ذَلِكَ الْقَصْرِ، وَسَقَطَ مَعَهُ الْمُوكَّلُ بِهِ فَمَاتَا جَمِيعًا، فَعَمَدَ الرَّسُولُ إِلَى رَأْسِ ابْنِ الْأَشْعَثِ فَاحْتَزَّهُ، وَقَتَلَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ الْأَشْعَثِ، وَبَعَثَ بِرُءُوسِهِمْ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَأَمَرَ فَطِيفَ بِرَأْسِهِ فِي الْعِرَاقِ، ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَطِيفَ بِرَأْسِهِ فِي الشَّامِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ إِلَى أَخِيهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِمِصْرَ فَطِيفَ بِرَأْسِهِ هُنَالِكَ، ثُمَّ دَفَنُوا رَأْسَهُ بِمِصْرَ وَجُثَّتَهُ بِالرُّخَّجِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي ذَلِكَ:
هَيْهَاتَ مَوْضِعُ جُثَّةٍ مِنْ رَأْسِهَا ... رَأْسٌ بِمِصْرَ وَجُثَّةٌ بِالرُّخَّجِ
وَإِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ مَقْتَلَ ابْنِ الْأَشْعَثِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، الْكِنْدِيُّ الْكُوفِيُّ، قَدْ رَوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute