للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَنَازِيرِ. قَالَ: فَجَزِعَ أَهْلُ فَارِسَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَلَامُوا شَهْرِيَارَ عَلَى كِتَابِهِ إِلَيْهِ وَاسْتَهْجَنُوا رَأْيَهُ، وَسَارَ الْمُثَنَّى مِنَ الْحَرَّةِ إِلَى بَابِلَ، وَلَمَّا الْتَقَى الْمُثَنَّى وَجَيْشَهُمْ بِمَكَانٍ عِنْدَ عُدْوَةِ الصَّرَاةِ الْأُولَى، اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا جِدًّا، وَأَرْسَلَ الْفُرْسُ فِيلًا بَيْنَ صُفُوفِ الْخَيْلِ لِيُفَرِّقَ خُيُولَ الْمُسْلِمِينَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ فَقَتَلَهُ، وَأَمَرَ الْمُسْلِمِينَ فَحَمَلُوا، فَلَمْ تَكُنْ إِلَّا هَزِيمَةُ الْفُرْسِ، فَقَتَلُوهُمْ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَغَنِمُوا مِنْهُمْ مَالًا عَظِيمًا، وَفَّرَتِ الْفُرْسُ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَدَائِنِ فِي شَرِّ حَالَةٍ، وَوَجَدُوا الْمَلِكَ قَدْ مَاتَ، فَمَلَّكُوا عَلَيْهِمُ ابْنَةَ كِسْرَى بُورَانَ بِنْتَ أَبَرْوِيزَ، فَأَقَامَتِ الْعَدْلَ، وَأَحْسَنَتِ السِّيرَةَ، فَأَقَامَتْ سَنَةً وَسَبْعَةَ شُهُورٍ، ثُمَّ مَاتَتْ، فَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ أُخْتَهَا آزَرْمِيدُخْتَ زَنَانَ، فَلَمْ يَنْتَظِمْ لَهُمْ أَمْرٌ، فَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ سَابُورَ بْنَ شَهْرِيَارَ، وَجَعَلُوا أَمْرَهُ إِلَى الْفَرُّخْزَاذِ بْنِ الْبِنْدَوَانِ، فَزَوَّجَهُ سَابُورُ بِابْنَةِ كِسْرَى آزَرْمِيدُخْتَ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ وَقَالَتْ: إِنَّمَا هَذَا عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِنَا. فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ عُرْسِهَا عَلَيْهِ هَمُّوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى سَابُورَ فَقَتَلُوهُ أَيْضًا، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، وَهِيَ آزَرْمِيدُخْتُ ابْنَةُ كِسْرَى، وَلَعِبَتْ فَارِسُ بِمُلْكِهَا لَعِبًا كَثِيرًا، وَآخِرُ مَا اسْتَقَرَّ أَمْرُهُمْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَنْ مَلَّكُوا امْرَأَةً، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» .

وَفِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا يَقُولُ عَبْدَةُ بْنُ الطَّبِيبِ السَّعْدِيُّ، وَكَانَ قَدْ هَاجَرَ لِمُهَاجَرَةِ حَلِيلَةٍ لَهُ حَتَّى شَهِدَ وَقْعَةَ بَابِلَ هَذِهِ، فَلَمَّا آيَسَتْهُ رَجَعَ إِلَى الْبَادِيَةِ وَقَالَ:.

<<  <  ج: ص:  >  >>