بِالْمَنْطِقِ وَعِلْمِ الْكَلَامِ، وَيُمَزِّقُ كُتُبَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَدْرَسَةِ التَّقَوِيَّةِ، وَكَانَ يَحْفَظُ الْعَقِيدَةَ الْمُسَمَّاةَ بِالْمِصْبَاحِ لِلْغَزَالِيِّ، وَيُحَفِّظُهَا أَوْلَادَهُ أَيْضًا، وَكَانَ لَهُ دَرْسٌ فِي التَّفْسِيرِ يَذْكُرُهُ بِالْكَلَّاسَةِ، تُجَاهَ تُرْبَةِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَكَانَ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَاتَّخَذَ لَهُ بَابًا مِنْ دَارِهِ إِلَى الْجَامِعِ ; لِيَخْرُجَ مِنْهُ إِلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ خُولِطَ فِي عَقْلِهِ، فَكَانَ يَعْتَرِيهِ شِبْهُ الصَّرْعِ إِلَى أَنْ تُوفِّيَ فِي سَابِعِ شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ فِي تُرْبَةٍ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ.
الْخَطِيبُ الدَّوْلَعِيُّ
ضِيَاءُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدِ بْنِ يَاسِينَ التَّغْلِبِيُّ الدَّوْلَعِيُّ، نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ بِالْمَوْصِلِ، يُقَالُ لَهَا: الدَّوْلَعِيَّةُ. وُلِدَ بِهَا فِي سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ، فَسَمِعَ " التِّرْمِذِيَّ " عَلَى أَبِي الْفَتْحِ الْكَرُوخِيِّ، وَ " النَّسَائِيَّ " عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْيَزْدِيِّ، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ فَوَلِيَ بِهَا الْخَطَابَةَ وَتَدْرِيسَ الْغَزَّالِيَّةَ، وَكَانَ زَاهِدًا مُتَوَرِّعًا، حَسَنَ الطَّرِيقَةَ مَهِيبًا فِي الْحَقِّ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ، وَكَانَ يَوْمُ جِنَازَتِهِ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَتَوَلَّى بَعْدَهُ الْخَطَابَةَ وَلَدُ أَخِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ زَيْدٍ سَبْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَقَدْ كَانَ ابْنُ الزَّكِيِّ وَلَّى وَلَدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute