للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ نَوْعًا آخَرَ مِنَ الشَّفَاعَةِ، وَهُوَ خَامِسٌ، وَهُوَ فِي أَقْوَامٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَلَمْ أَرَ لِهَذَا شَاهِدًا فِيمَا عَلِمْتُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَهُ مُسْتَنَدًا فِيمَا رَأَيْتُ، ثُمَّ تَذَكَّرْتُ حَدِيثَ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ، حِينَ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنَ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَالْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي «الصَّحِيحَيْنِ»، كَمَا تَقَدَّمَ "، وَهُوَ يُنَاسِبُ هَذَا الْمَقَامَ.

وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي «التَّذْكِرَةِ» نَوْعًا سَادِسًا مِنَ الشَّفَاعَةِ، وَهُوَ شَفَاعَتُهُ فِي عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُخَفَّفَ عَذَابُهُ، وَاسْتَشْهَدَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ، فَقَالَ:» لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ ".

ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [الْمُدَّثِّرِ: ٤٨]. قِيلَ: لَا تَنْفَعُهُ فِي الْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ، كَمَا تَنْفَعُ عُصَاةَ الْمُوَحِّدِينَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.

النَّوْعُ السَّابِعُ مِنَ الشَّفَاعَةِ: شَفَاعَتُهُ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ قَاطِبَةً فِي أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، كَمَا ثَبَتَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ»، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>