للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمْوَالِ إِلَى الْفِرِنْجِ، وَهُمْ أَقَلُّ وَأَذَلُّ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى قَصْدِ الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ لِيَحْفَظَهَا مِنَ الْفِرِنْجِ فَرَدُّوا إِلَيْهِ كِتَابًا فِيهِ غِلْظَةٌ، وَكَلَامٌ فِيهِ بَشَاعَةٌ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ. وَمِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِمْ مِنْهُ كَتَبُوا إِلَى سَيْفِ الدِّينِ غَازِيٍّ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ لِيُمَلِّكُوهُ عَلَيْهِمْ ; لِيَدْفَعُوا بِهِ الْمَلِكَ النَّاصِرَ صَاحِبَ مِصْرَ فَلَمْ يَفْعَلْ ; لِأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُونَ مَكِيدَةً مِنْهُمْ لَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ هَرَبَ مِنْهُ الطَّوَاشِيُّ سَعْدُ الدَّوْلَةِ كُمُشْتِكِينَ الَّذِي كَانَ قَدْ جَعَلَهُ عِنْدَهُ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ عَيْنًا عَلَيْهِ وَحَافِظًا لَهُ مِنْ تَعَاطِي مَا لَا يَلِيقُ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْخَمْرِ وَاللَّعِبِ وَاللَّهْوِ، فَلَمَّا مَاتَ نُورُ الدِّينِ وَنَادَى فِي الْمَوْصِلِ تِلْكَ الْمُنَادَاةَ الْقَبِيحَةَ خَافَ مِنْهُ الطَّوَاشِيُّ الْمَذْكُورُ أَنْ يُمْسِكَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ سِرًّا، فَحِينَ تَحَقَّقَ غَازِيٌّ مَوْتَ عَمِّهِ تَعِبَ فِي طَلَبِ الْخَادِمِ فَفَاتَهُ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَى حَوَاصِلِهِ وَدَخَلَ الطَّوَاشِيُّ حَلَبَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى دِمَشْقَ فَاتَّفَقَ مَعَ الْأُمَرَاءِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ابْنَ أُسْتَاذِهِ الْمَلِكَ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ إِلَى حَلَبَ، فَيُرَبِّيَهُ هُنَالِكَ وَتَكُونَ دِمَشْقُ مُسَلَّمَةً إِلَى الْأَتَابِكِ شَمْسِ الدَّوْلَةِ بْنِ مُقَدَّمٍ وَالْقَلْعَةُ إِلَى الطَّوَاشِيِّ جَمَالِ الدِّينِ رَيْحَانٍ. فَلَمَّا سَارَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ مِنْ دِمَشْقَ، خَرَجَ مَعَهُ الْأُمَرَاءُ وَالْكُبَرَاءُ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى حَلَبَ وَذَلِكَ فِي الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَحِينَ وَصَلُوا حَلَبَ جَلَسَ الصَّبِيُّ عَلَى سَرِيرِ مَمْلَكَتِهَا وَاحْتَاطُوا عَلَى بَنِي الدَّايَةِ ; شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الدَّايَةِ - أَخُو مَجْدِ الدِّينِ الَّذِي كَانَ رَضِيعَ نُورِ الدِّينِ - وَإِخْوَتِهِ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ كَانَ شَمْسُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ الدَّايَةِ يَظُنُّ أَنَّ ابْنَ نُورِ الدِّينِ يُسَلَّمُ إِلَيْهِ فَيُرَبِّيهِ ; لِأَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِذَلِكَ، فَخَيَّبُوا ظَنَّهُ وَسَجَنُوهُ وَإِخْوَتَهُ فِي الْجُبِّ، فَكَتَبَ الْمَلِكُ صَلَاحُ الدِّينِ إِلَى الْأُمَرَاءِ يَلُومُهُمْ عَلَى نَقْلِ الْوَلَدِ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى حَلَبَ وَمِنْ سَجْنِهِمْ لِبَنِي الدَّايَةِ، وَقَدْ كَانُوا مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ وَرُءُوسِ الْكُبَرَاءِ، وَلِمَ لَا يُسَلِّمُونَ الْوَلَدَ إِلَى مَجْدِ الدِّينِ بْنِ الدَّايَةِ الَّذِي هُوَ أَحْظَى

<<  <  ج: ص:  >  >>