فَيَكْتُبُ بِهَا. ثُمَّ بَلَغَ ابْنَ رَائِقٍ أَنَّهُ قَدْ كَتَبَ إِلَى بَجْكَمَ بِمَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ فَقَطَعَ لِسَانَهُ، وَسَجَنَهُ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ، فَكَانَ يَسْتَقِي الْمَاءَ بِنَفْسِهِ ; يَتَنَاوَلُ الْحَبْلَ مِنَ الْبِئْرِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يُمْسِكُهُ بِفِيهِ، وَلَقِيَ شِدَّةً وَعَنَاءً، وَمَاتَ فِي مَحْبِسِهِ هَذَا وَحِيدًا، فَدُفِنَ هُنَاكَ، ثُمَّ سَأَلَ أَهْلَهُ نَقْلَهُ فَدُفِنَ فِي دَارِهِ، ثُمَّ نُقِلَ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَاتَّفَقَ لَهُ أَشْيَاءُ غَرِيبَةٌ ; مِنْهَا أَنَّهُ وَزَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَعُزِلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَوَلِيَ لِثَلَاثَةٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ، وَدُفِنَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَسَافَرَ فِي عُمْرِهِ ثَلَاثَ سَفْرَاتٍ ; مَرَّتَيْنِ مَنْفِيًّا، وَمَرَّةً فِي وِزَارَتِهِ إِلَى الْمَوْصِلِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَفِيهَا دَخَلَ بَجْكَمُ بَغْدَادَ فَقَلَّدَهُ الرَّاضِي إِمْرَةَ الْأُمَرَاءِ مَكَانَ ابْنِ رَائِقٍ، وَقَدْ كَانَ بَجْكَمُ هَذَا مِنْ غِلْمَانِ أَبِي عَلِيٍّ الْعَارِضِ وَزِيرِ مَاكَانَ بْنِ كَالِي الدَّيْلَمِيِّ، فَاسْتَوْهَبَهُ مَا كَانُ مِنَ الْوَزِيرِ، فَوَهَبَهُ لَهُ، ثُمَّ فَارَقَ مَا كَانَ، وَلَحِقَ بِمَرْدَاوِيجَ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ قَتَلَهُ فِي الْحَمَّامِ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَسَكَنَ بَجْكَمُ بِدَارِ مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ وَعَظُمَ أَمَرُهُ جِدًّا، وَانْفَصَلَ ابْنُ رَائِقٍ وَكَانَتْ أَيَّامُهُ سَنَةً وَعَشْرَةَ أَشْهُرٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا.
وَفِيهَا بَعَثَ عِمَادُ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ أَخَاهُ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ، فَأَخَذَ بِلَادَ الْأَهْوَازِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيِّ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ يَدِ بَجْكَمَ، وَأَعَادَهَا إِلَيْهِ.
وَفِيهَا اسْتَوْلَى لَشْكَرَى أَحَدُ أُمَرَاءِ وُشْمَكِيرَ الدَّيْلَمَيِّ عَلَى بِلَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute