للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكُتَّابِ. وَكَانَ الصُّولِيُّ هَذَا جَيِّدَ الِاعْتِقَادِ، حَسَنَ الطَّرِيقَةِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ.

وَمِنْ شَعْرِهِ قَوْلُهُ:

أَحْبَبْتُ مِنْ أَجْلِهِ مَنْ كَانَ يُشْبِهُهُ ... وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَعْشُوقِ مَعْشُوقُ

حَتَّى حَكَيْتُ بِجِسْمِي مَا بِمُقْلَتِهِ ... كَأَنَّ سُقْمِي مِنْ عَيْنَيْهِ مَسْرُوقُ

خَرَجَ الصُّولِيُّ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْبَصْرَةِ لِحَاجَةٍ لَحِقَتْهُ، فَمَاتَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

وَفِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ ابْنَةِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الزَّاهِدِ الْمَكِّيِّ

وَكَانَتْ مِنَ الْعَابِدَاتِ النَّاسِكَاتِ الْمُقِيمَاتِ بِمَكَّةَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَقْتَاتُ مِنْ كَسْبِ أَبِيهَا، مِمَّا كَانَ يَكْتَسِبُهُ مِنْ عَمِلِ الْخُوصِ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا يُرْسِلُهَا إِلَيْهَا، فَاتَّفَقَ أَنْ أَرْسَلَهَا مَرَّةً مَعَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَزَادَ عَلَيْهَا ذَلِكَ الرَّجُلُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا - يُرِيدُ بِذَلِكَ بِرَّهَا وَزِيَادَةً فِي نَفَقَتِهَا - فَلَمَّا اخْتَبَرَتْهَا قَالَتْ: هَلْ وَضَعْتَ عَلَى هَذِهِ شَيْئًا؟ اصْدُقْنِي بِحَقِّ الَّذِي حَجَجْتَ لَهُ. فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَتِ: ارْجِعْ بِهَا، فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ قَصَدْتَ الْخَيْرَ لَدَعَوْتُ عَلَيْكَ ; فَإِنَّكَ قَدْ أَجَعْتَنِي عَامِي هَذَا، وَلَمْ يَبْقَ لِي رِزْقٌ إِلَّا مِنَ الْمَزَابِلِ إِلَى قَابِلٍ. فَقُلْتُ: أَلَا تَأْخُذِي مِنْهَا الثَّلَاثِينَ دِرْهَمًا. فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدِ اخْتَلَطَتْ بِمَالِكَ، وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ. قَالَ الرَّجُلُ: فَرَجَعْتُ بِهَا إِلَى أَبِيهَا، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَالَ: شَقَقْتَ يَا هَذَا عَلَيَّ، وَضَيَّقْتَ عَلَيْهَا، وَلَكِنِ اذْهَبْ فَتَصَدَّقْ بِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>