قَطُّ، وَامْتَدَّ الْحِصَارُ شُهُورًا مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى جُمَادَى الْأُولَى، فَأَرْسَلَ أَمِينُ الدَّوْلَةِ يَطْلُبُ مِنِ ابْنِ الشَّيْخِ شَيْئًا مِنْ مَلَابِسِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِفَرَجِيَّةٍ وَعِمَامَةٍ وَقَمِيصٍ وَمِنْدِيلٍ، فَلَبِسَ ذَلِكَ الْأَمِينُ، وَخَرَجَ إِلَى مُعِينِ الدِّينِ، فَاجْتَمَعَ بِهِ بَعْدَ الْعَشَاءِ طَوِيلًا، ثُمَّ عَادَ، ثُمَّ خَرَجَ مَرَّةً أُخْرَى، فَاتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ إِلَى بَعْلَبَكَّ، وَيُسَلِّمُ دِمَشْقَ إِلَى الصَّالِحِ أَيُّوبَ، وَدَخَلَ مُعِينُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ، فَنَزَلَ فِي دَارِ أُسَامَةَ، فَوَلَّى وَعَزَلَ، وَقَطَعَ وَوَصَلَ، وَفَوَّضَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ إِلَى صَدْرِ الدِّينِ بْنِ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ، وَعَزَلَ الْقَاضِيَ مُحْيِي الدِّينِ بْنَ الزَّكِيِّ، وَاسْتَنَابَ ابْنَ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ التَّفْلِيسِيَّ الَّذِي نَابَ لِابْنِ الزَّكِيِّ، وَالْعَزِيزَ السِّنْجَارِيَّ، وَأَرْسَلَ مُعِينُ الدِّينِ بْنُ الشَّيْخِ أَمِينِ الدَّوْلَةِ غَزَّالَ بْنَ الْمَسْلَمَانِيِّ وَزِيرَ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ تَحْتَ الْحَوْطَةِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ.
وَأَمَّا الْخُوَارَزْمِيَّةُ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حَاضِرِينَ وَقْتَ الصُّلْحِ، فَلَمَّا عَلِمُوا بِوُقُوعِ الصُّلْحِ غَضِبُوا وَسَارُوا نَحْوَ دَارَيَّا، فَنَهَبُوهَا وَسَاقُوا نَحْوَ بِلَادِ الشَّرْقِ، وَكَاتَبُوا الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ فَحَالَفُوهُ عَلَى الصَّالِحِ أَيُّوبَ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ، وَنَقَضَ الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ وَقَعَ مِنْهُ، وَعَادَتِ الْخُوَارَزْمِيَّةُ فَحَاصَرُوا دِمَشْقَ، وَجَاءَ إِلَيْهِمُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ مِنْ بَعْلَبَكَّ، فَضَاقَ الْحَالُ عَلَى الدَّمَاشِقَةِ، فَعُدِمَتِ الْأَقْوَاتُ، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ جِدًّا، حَتَّى إِنَّهُ بَلَغَ ثَمَنُ الْغِرَارَةِ أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ، وَقِنْطَارُ الدَّقِيقِ بِسَبْعِمِائَةٍ، وَالْخُبْزُ كُلُّ وُقِيَّتَيْنِ إِلَّا رُبْعًا بِدِرْهَمٍ، وَرَطْلُ اللَّحْمِ بِسَبْعَةٍ، وَأُبِيعَتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute