فَأَقَامَ شَعَائِرَهُ بِبِلَادِهِ، وَحَظِيَ عِنْدَهُ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ مُطَهَّرٍ الْحِلِّيُّ تِلْمِيذُ نَصِيرِ الدِّينِ الطَّوْسِيِّ، وَأَقْطَعَهُ عِدَّةَ بِلَادٍ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ الْفَاسِدِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ جَرَتْ فِي أَيَّامِهِ فِتَنٌ كِبَارٌ، وَمَصَائِبُ عِظَامٌ، فَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُ الْعِبَادَ وَالْبِلَادَ، وَقَامَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ بُو سَعِيدٍ وَلَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَمُدَبِّرُ الْجُيُوشِ وَالْمَمَالِكِ لَهُ الْأَمِيرُ جُوبَانُ، وَاسْتَمَرَّ فِي الْوِزَارَةِ عَلِيُّ شَاهْ التِّبْرِيزِيُّ، وَأَخَذَ أَهْلَ دَوْلَتِهِ بِالْمُصَادَرَةِ، وَقَتْلِ الْأَعْيَانِ مِمَّنِ اتَّهَمَهُمْ بِقَتْلِ أَبِيهِ مَسْمُومًا، وَلَعِبَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِهِ فِي أَوَّلِ دَوْلَتِهِ، ثُمَّ عَدَلَ إِلَى الْعَدْلِ وَإِقَامَةِ السُّنَّةِ، فَأَمَرَ بِإِعَادَةِ الْخُطْبَةِ بِالتَّرَضِّي عَنِ الشَّيْخَيْنِ أَوَّلًا، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٍّ - رِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ - فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَسَكَنَتْ بِذَلِكَ الْفِتَنُ وَالشُّرُورُ وَالْقِتَالُ الَّذِي كَانَ بَيْنَ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ بِهَرَاةَ، وَأَصْبَهَانَ، وَبَغْدَادَ، وِإِرْبِلَ، وَسَاوَةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَانَ صَاحِبُ مَكَّةَ الْأَمِيرُ حُمَيْضَةُ بْنُ أَبِي نُمَيٍّ الْحَسَنِيُّ قَدْ قَصَدَ مَلِكَ التَّتَرِ خَرْبَنْدَا لِيَنْصُرَهُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَسَاعَدَهُ الرَّوَافِضُ هُنَاكَ، وَجَهَّزُوا مَعَهُ جَيْشًا كَثِيفًا مِنْ خُرَاسَانَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، فَلَمَّا مَاتَ خَرْبَنْدَا بَطَلَ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَعَادَ حُمَيْضَةُ خَائِبًا خَاسِئًا، وَفِي صُحْبَتِهِ أَمِيرٌ مِنْ كِبَارِ الرَّوَافِضِ مِنَ التَّتَرِ يُقَالُ لَهُ: الدَّلْقَنْدِيُّ، وَقَدْ جَمَعَ لِحُمَيْضَةَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً لِيُقِيمَ الرَّفْضَ بِذَلِكَ فِي بِلَادِ الْحِجَازِ، فَوَقَعَ بِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute