للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ كَانُوا فِيهِمْ، وَجَاءَ غَيْرُهُمْ وَذَهَبُوا، وَجَاءَ غَيْرُهُمْ ; وَلِهَذَا لَمَّا خَرَجَ أَحَدُهُمْ، وَهُوَ تِيذُوسِيسُ فِيمَا قِيلَ، وَجَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُتَنَكِّرًا ; لِئَلَّا يَعْرِفَهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِهِ فِيمَا يَحْسَبُهُ، تَنَكَّرَتْ لَهُ الْبِلَادُ وَاسْتَنْكَرَهُ مَنْ رَآهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَاسْتَغْرَبُوا شَكْلَهُ وَصِفَتَهُ وَدَرَاهِمَهُ. فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ حَمَلُوهُ إِلَى مُتَوَلِّيهِمْ، وَخَافُوا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ جَاسُوسًا، أَوْ تَكُونَ لَهُ صَوْلَةٌ يَخْشَوْنَ مِنْ مَضَرَّتِهَا، فَيُقَالُ: إِنَّهُ هَرَبَ مِنْهُمْ. وَيُقَالُ: بَلْ أَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ وَمَنْ مَعَهُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، فَانْطَلَقُوا مَعَهُ لِيُرِيَهُمْ مَكَانَهُمْ، فَلَمَّا قَرُبُوا مِنَ الْكَهْفِ، دَخَلَ إِلَى إِخْوَانِهِ، فَأَخْبَرَهُمْ حَقِيقَةَ أَمْرِهِمْ، وَمِقْدَارَ مَا رَقَدُوا، فَعَلِمُوا أَنَّ هَذَا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ. فَيُقَالُ: إِنَّهُمُ اسْتَمَرُّوا رَاقِدِينَ. وَيُقَالُ: بَلْ مَاتُوا بَعْدَ ذَلِكَ.

وَأَمَّا أَهْلُ الْبَلْدَةِ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ لَمْ يَهْتَدُوا إِلَى مَوْضِعِهِمْ مِنَ الْغَارِ، وَعَمَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَمْرَهُمْ. وَيُقَالُ: لَمْ يَسْتَطِيعُوا دُخُولَهُ حِسًّا. وَيُقَالُ: مَهَابَةً لَهُمْ.

وَاخْتَلَفُوا فِي أَمْرِهِمْ ; فَقَائِلُونَ يَقُولُونَ: {ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا} [الكهف: ٢١] أَيْ: سُدُّوا عَلَيْهِمْ بَابَ الْكَهْفِ ; لِئَلَّا يَخْرُجُوا أَوْ لِئَلَّا يَصِلَ إِلَيْهِمْ مَا يُؤْذِيهِمْ، وَآخَرُونَ، وَهُمُ الْغَالِبُونَ عَلَى أَمْرِهِمْ قَالُوا: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} [الكهف: ٢١] أَيْ: مَعْبَدًا يَكُونُ مُبَارَكًا لِمُجَاوَرَتِهِ هَؤُلَاءِ الصَّالِحِينَ. وَهَذَا كَانَ شَائِعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>