للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]

[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

فِيهَا وَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ وَبَيْنَ الْأَتْرَاكِ بِبِلَادِ بَلْخٍ فَقَتَلُوا مِنْ جَيْشِهِ خَلْقًا كَثِيرًا جِدًّا ; بِحَيْثُ بَقِيَتِ الْقَتْلَى مِثْلَ التِّلَالِ الْعَظِيمَةِ، وَأَسَرُوا السُّلْطَانَ سَنْجَرَ، وَقَتَلُوا مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ صَبْرًا، وَلَمَّا اسْتَحْضَرُوهُ قَبَّلُوا الْأَرْضَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالُوا: نَحْنُ عَبِيدُكَ، وَكَانُوا عِدَّةً مِنَ الْأُمَرَاءِ الْكِبَارِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ جَاءُوا مَعَهُ، فَدَخَلُوا مَرْوَ وَهِيَ كُرْسِيُّ مَمْلَكَةِ خُرَاسَانَ فَسَأَلَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ إِقْطَاعًا، فَقَالَ: هَذَا لَا يُمْكِنُ ; هَذِهِ كُرْسِيُّ الْمَمْلَكَةِ. فَضَحِكُوا مِنْهُ وَأَضْرَطَ بِهِ بَعْضُهُمْ، فَنَزَلَ عَنْ سَرِيرِ الْمَمْلَكَةِ، وَدَخَلَ خَانِقَاهُ، وَصَارَ فَقِيرًا مِنْ جُمْلَةِ أَهْلِهَا، وَتَابَ عَنِ الْمُلْكِ، وَاسْتَحْوَذَ أُولَئِكَ الْأَتْرَاكُ عَلَى الْبِلَادِ فَنَهَبُوهَا، وَتَرَكُوهَا قَاعًا صَفْصَفًا، وَأَقَامُوا سُلَيْمَانَ شَاهْ مَلِكًا، فَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ حَتَّى عَزَلُوهُ، وَوَلَّوُا ابْنَ أُخْتِ سَنْجَرَ الْخَاقَانِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كُوخَانَ، وَتَفَرَّقَتِ الْأُمُورُ وَاسْتَحْوَذَ كُلُّ إِنْسَانٍ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنْ تِلْكَ الْمَمَالِكِ، وَصَارَتِ الدَّوْلَةُ دُوَلًا.

وَفِيهَا كَانَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بَيْنَ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الْعَرَبِ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ. وَفِيهَا أَخَذَتِ الْفِرِنْجُ مَدِينَةَ عَسْقَلَانَ مِنَ السَّوَاحِلِ. وَفِيهَا خَرَجَ الْخَلِيفَةُ إِلَى وَاسِطٍ فِي جَحْفَلٍ فَأَصْلَحَ شَأْنَهَا وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا قَايْمَازُ الْأُرْجُوَانِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>