فَتَكَسَّرَتْ وَغَرِقَتْ وَغَرِقَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْمِيرَةِ وَهَلَكَ مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْبَحَّارَةِ فَدَخَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَهْنٌ عَظِيمٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ جِدًّا وَمَرِضَ السُّلْطَانُ وَازْدَادَ مَرَضًا إِلَى مَرَضِهِ - عَافَاهُ اللَّهُ - وَكَانَ ذَلِكَ عَوْنًا لِلْعَدُوِّ الْمَخْذُولِ عَلَى أَخْذِ الْبَلَدِ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَذَلِكَ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَكَانَ الْمُقَدَّمَ عَلَى الدَّاخِلِينَ إِلَى عَكَّا الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمَشْطُوبِ أَيَّدَهُ اللَّهُ.
وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَقَطَتْ ثُلْمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ سُورِ عَكَّا فَبَادَرَ الْفِرِنْجُ إِلَيْهَا فَسَبَقَهُمُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى سَدِّهَا بِصُدُورِهِمْ وَقَاتَلُوا عَنْهَا بِنُحُورِهِمْ وَمَا زَالُوا يُمَانِعُونَ عَنْهَا حَتَّى بَنَوْهَا أَشَدَّ مِمَّا كَانَتْ وَأَقْوَى وَأَحْسَنَ وَأَبْهَى. وَوَقَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَبَاءٌ عَظِيمٌ فِي الْجَيْشَيْنِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فَكَانَ السُّلْطَانُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ
اقْتُلُونِي وَمَالِكًا ... وَاقْتُلُوا مَالِكًا مَعِي
وَاتَّفَقَ مَوْتُ ابْنِ مَلِكِ الْأَلْمَانِ فِي ثَانِي ذِي الْحِجَّةِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ كُبَرَاءِ الْكُنْدَهِرِيَّةِ وِسَادَاتِ الْفِرِنْجِ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَحَزِنَ الْفِرِنْجُ عَلَى ابْنِ مَلِكِ الْأَلْمَانِ حُزْنًا عَظِيمًا وَأَوْقَدُوا نَارًا عَظِيمَةً فِي كُلِّ خَيْمَةٍ وَصَارَ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَهْلِكُ مِنَ الْفِرِنْجِ الْمِائَةُ وَالْمِائَتَانِ وَاسْتَأْمَنَ إِلَى السُّلْطَانِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مِنْ شِدَّةِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْجُوعِ وَالضِّيقِ وَالْحَصْرِ وَأَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ قَدِمَ الْقَاضِي الْفَاضِلُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى السُّلْطَانِ وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute