سَمْعًا وَطَاعَةً لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ كِتَابٍ كَتَبَهُ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ حِينَ وَلَّاهُ وَعَزَلَ خَالِدًا، أَنْ قَالَ: وَأُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي يَبْقَى وَيَفْنَى مَا سِوَاهُ، الَّذِي هَدَانَا مِنَ الضَّلَالَةِ، وَأَخْرَجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَقَدِ اسْتَعْمَلْتُكَ عَلَى جُنْدِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَقُمْ بِأَمْرِهِمُ الَّذِي يَحِقُّ عَلَيْكَ، لَا تُقَدِّمِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى هَلَكَةٍ رَجَاءَ غَنِيمَةٍ، وَلَا تُنْزِلْهُمْ مَنْزِلًا قَبْلَ أَنْ تَسْتَرِيدَهُ لَهُمْ، وَتَعْلَمَ كَيْفَ مَأْتَاهُ، وَلَا تَبْعَثْ سَرِيَّةً إِلَّا فِي كَثْفٍ مِنَ النَّاسِ، وَإِيَّاكَ وَإِلْقَاءَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْهَلَكَةِ، وَقَدْ أَبْلَاكَ اللَّهُ بِي وَأَبْلَانِي بِكَ، فَغُضَّ بَصَرَكَ عَنِ الدُّنْيَا، وَأَلْهِ قَلْبَكَ عَنْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ تُهْلِكَكَ كَمَا أَهْلَكَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فَقَدْ رَأَيْتَ مَصَارِعَهُمْ. وَأَمَرَهُمْ بِالْمَسِيرِ إِلَى دِمَشْقَ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ بِفَتْحِ الْيَرْمُوكِ وَجَاءَتْهُ بِهِ الْبِشَارَةُ، وَحُمِلَ الْخُمُسُ إِلَيْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَاتَلُوا بَعْدَ الْيَرْمُوكِ بِأَجْنَادِينَ، ثُمَّ بِفِحْلٍ مِنْ أَرْضِ الْغَوْرِ قَرِيبًا مِنْ بَيْسَانَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: الرَّدْغَةُ. سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا لَقُوا مِنَ الْأَوْحَالِ فِيهَا، ثُمَّ لَمَّا فَرَّتِ الرُّومُ مِنْ هَذِهِ الْوَقْعَةِ أَلْجَأُوهُمْ إِلَى دِمَشْقَ، فَقَصَدُوهُمْ فِيهَا فَأَغْلَقُوهَا عَلَيْهِمْ، وَأَحَاطَ بِهَا الصَّحَابَةُ. قَالَ: وَحِينَئِذٍ جَاءَتِ الْإِمَارَةُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ مِنْ جِهَةِ عُمَرَ، وَعُزِلَ خَالِدٌ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute