وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ثَارَتِ الْعَصَبِيَّةُ أَيْضًا بِالشَّامِ بَيْنَ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الرَّشِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ مَنْصُورِ بْنِ زِيَادٍ فَأَصْلَحَ بَيْنِهِمْ.
وَفِيهَا كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِالْمِصِّيصَةِ، فَانْهَدَمَ بَعْضُ سُورِهَا، وَنَضَبَ مَاؤُهُمْ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ.
وَفِيهَا بَعَثَ الرَّشِيدُ وَلَدَهُ الْقَاسِمَ عَلَى الصَّائِفَةِ، وَجَعَلَهُ قُرْبَانًا وَوَسِيلَةً، وَوَلَّاهُ الْعَوَاصِمَ، فَسَارَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى افْتَدَوْا مِنْهُ بِخَلْقٍ مِنَ الْأَسَارَى يُطْلِقُونَهُمْ وَيَرْجِعُ عَنْهُمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ.
وَفِيهَا نَقَضَتِ الرُّومُ الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي كَانَ عَقَدَهُ الرَّشِيدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِينَى مَلِكَةِ الرُّومِ الْمُلَقَّبَةِ أُغُسْطَةُ، وَذَلِكَ أَنَّ الرُّومَ عَزَلُوهَا عَنْهُمْ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمُ النَّقْفُورَ، وَكَانَ شُجَاعًا، يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ سُلَالَةِ آلِ جَفْنَةَ، وَإِنَّهُ قَبْلَ الْمُلْكِ كَانَ يَلِي دِيوَانَ الْخَرَاجِ، وَمَلَّكُوا نَقْفُورَ هَذَا عَلَيْهِمْ، فَخَلَعُوا رِينَى وَسَمَلُوا عَيْنَيْهَا، فَكَتَبَ إِلَى الرَّشِيدِ: مِنْ نَقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ إِلَى هَارُونَ مَلِكِ الْعَرَبِ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْمَلِكَةَ الَّتِي كَانَتْ قَبِلُ أَقَامَتْكَ مُقَامِ الرُّخِّ، وَأَقَامَتْ نَفْسَهَا مُقَامِ الْبَيْدَقِ، فَحَمَلَتْ إِلَيْكَ مِنْ أَمْوَالِهَا مَا كُنْتَ حَقِيقًا بِحَمْلِ أَمْثَالِهِ إِلَيْهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute