للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِيَالِي يَتَمَرَّغُونَ فِي الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ فِيهَا، وَقَدْ وَصَلَ إِلَيْهِمْ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ آلَافِ دِينَارٍ، وَكِتَابٌ فِيهِ تَمْلِيكُ الدَّارِ بِمَا فِيهَا، وَبِقَرْيَتَيْنِ جَلِيلَتَيْنِ لَهُمْ، فَكُنْتُ مَعَ الْبَرَامِكَةِ فِي أَطْيَبِ عَيْشٍ، فَلَمَّا أُصِيبُوا أَخَذَ مِنِّي عَمْرُو بْنُ مَسْعَدَةَ الْقَرْيَتَيْنِ، وَأَلْزَمَنِي بِخَرَاجِهِمَا، فَكُلَّمَا لَحِقَتْنِي فَاقَةٌ قَصَدْتُ دَوْرَهُمْ وَقُبُورَهُمْ فَبَكَيْتُ عَلَيْهِمْ. فَأَمَرَ الْمَأْمُونُ بِرَدِّ الْقَرْيَتَيْنِ عَلَيْهِ وَخَرَاجِهِمَا. فَبَكَى الشَّيْخُ بُكَاءً شَدِيدًا، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: أَلَمْ أَسْتَأْنِفْ بِكَ جَمِيلًا؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ هُوَ مِنْ بَرَكَةِ الْبَرَامِكَةِ. فَقَالَ الْمَأْمُونُ: امْضِ مُصَاحَبًا فَإِنَّ الْوَفَاءَ مُبَارَكٌ، وَحُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ.

[وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ،

أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الْعُبَّادِ، وَعَلَمُ الزُّهَّادِ، وَوَاحِدُ الْعُلَمَاءِ الْأَوْلِيَاءِ، وُلِدَ بِخُرَاسَانَ بِكَوْرَةِ أَبِيوَرْدَ، وَقَدِمَ الْكُوفَةَ وَهُوَ كَبِيرٌ، فَسَمِعَ الْأَعْمَشَ، وَمَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ وَعَطَاءَ بْنَ السَّائِبِ، وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرَهُمْ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَكَّةَ فَتَعَبَّدَ بِهَا، وَكَانَ حَسَنَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، كَثِيرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَكَانَ سَيِّدًا كَبِيرَ الشَّأْنِ، ثِقَةً مِنْ أَئِمَّةِ الرِّوَايَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَرَضِيَ عَنْهُ، وَلَهُ مَعَ الرَّشِيدِ قِصَّةُ مَوْعِظَتِهِ لَهُ، وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>