دَرَّاجٌ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ يَعْمَلُ فِي صَخْرَةٍ صَمَّاءَ لَيْسَ لَهَا بَابٌ وَلَا كُوَّةٌ لَخَرَجَ عَمَلُهُ لِلنَّاسِ كَائِنًا مَا كَانَ» ثُمَّ قَالَ {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} [لقمان: ١٧] أَيْ أَدِّهَا بِجَمِيعِ وَاجِبَاتِهَا مِنْ حُدُودِهَا، وَأَوْقَاتِهَا، وَرُكُوعِهَا، وَسُجُودِهَا، وَطُمَأْنِينَتِهَا، وَخُشُوعِهَا وَمَا شُرِعَ فِيهَا، وَاجْتَنِبْ مَا نُهِيَ عَنْهُ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [لقمان: ١٧] أَيْ بِجُهْدِكَ، وَطَاقَتِكَ أَيْ إِنِ اسْتَطَعْتَ بِالْيَدِ فَبِالْيَدِ، وَإِلَّا فَبِلِسَانِكَ فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِكَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ فَقَالَ {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: ١٧] وَذَلِكَ أَنَّ الْآمِرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي مَظِنَّةِ أَنْ يُعَادَى، وَيُنَالَ مِنْهُ، وَلَكِنَّ لَهُ الْعَاقِبَةُ، وَلِهَذَا أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَاقِبَةَ الصَّبْرِ الْفَرَجُ، وَقَوْلُهُ {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: ١٧] أَيْ أَنَّ أَمْرَكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيَكَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَصَبْرَكَ عَلَى الْأَذَى مِنْ عَزَائِمِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَا مَحِيدَ عَنْهَا، وَقَوْلُهُ {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: ١٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكُ، وَيَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: مَعْنَاهُ لَا تَتَكَبَّرْ عَلَى النَّاسِ، وَتُمِيلُ خَدَّكَ حَالَ كَلَامِكَ لَهُمْ، وَكَلَامِهِمْ لَكَ عَلَى وَجْهِ التَّكَبُّرِ عَلَيْهِمْ وَالِازْدِرَاءِ لَهُمْ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: وَأَصْلُ الصَّعَرِ دَاءٌ يَأْخُذُ الْإِبِلَ فِي أَعْنَاقِهَا فَتَلْتَوِي رُءُوسُهَا فَشَبَّهَ بِهِ الرَّجُلَ الْمُتَكَبِّرَ الَّذِي يَمِيلُ وَجْهُهُ إِذَا كَلَّمَ النَّاسَ أَوْ كَلَّمُوهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَاظُمِ عَلَيْهِمْ.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ فِي شِعْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute