{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: ٤٧] .
وَأَخْبَرَهُ أَنَّ هَذَا الظُّلْمَ لَوْ كَانَ فِي الْحَقَارَةِ كَالْخَرْدَلَةِ وَلَوْ كَانَ فِي جَوْفِ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ لَا بَابَ لَهَا وَلَا كُوَّةَ، أَوْ لَوْ كَانَتْ سَاقِطَةً فِي شَيْءٍ مِنْ ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ أَوِ السَّمَاوَاتِ فِي اتِّسَاعِهِمَا، وَامْتِدَادِ أَرْجَائِهِمَا لَعَلِمَ اللَّهُ مَكَانَهَا {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: ١٦] أَيْ عِلْمُهُ دَقِيقٌ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ الذَّرُّ مِمَّا تَرَاءَى لِلنَّوَاظِرِ أَوْ تَوَارَى كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: ٥٩] وَقَالَ {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل: ٧٥] وَقَالَ {عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٣] وَقَدْ زَعَمَ السُّدِّيُّ فِي خَبَرِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الصَّخْرَةِ; الصَّخْرَةُ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِينَ السَّبْعِ، وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، وَأَبِي مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِمْ، وَفِي صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ أَصْلِهِ نَظَرٌ، ثُمَّ فِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ نَظَرٌ آخَرُ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَكِرَةٌ غَيْرُ مُعَرَّفَةٍ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا مَا قَالُوهُ لَقَالَ: فَتَكُنْ فِي الصَّخْرَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَيِّ صَخْرَةٍ كَانَتْ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute