يَسْتَثْنُوا فِي يَمِينِهِمْ، فَعَجَّزَهُمُ اللَّهُ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا الْآفَةَ الَّتِي أَحْرَقَتْهَا ; وَهِيَ السَّفْعَةُ الَّتِي اجْتَاحَتْهَا وَلَمْ تُبْقِ بِهَا شَيْئًا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلِهَذَا قَالَ {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [القلم: ١٩] أَيْ: كَاللَّيْلِ الْأَسْوَدِ الْمُنْصَرِمِ مِنَ الضِّيَاءِ وَهَذِهِ مُعَامَلَةٌ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ {فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ} [القلم: ٢١] أَيْ: فَاسْتَيْقَظُوا مِنْ نَوْمِهِمْ فَنَادَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: {اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ} [القلم: ٢٢] أَيْ: بَاكِرُوا إِلَى بُسْتَانِكُمْ فَاصْرِمُوهُ. قَبْلَ أَنْ يَرْتَفِعَ النَّهَارُ وَيَكْثُرَ السُّؤَالُ {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ} [القلم: ٢٣] أَيْ: يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ خُفْيَةً قَائِلِينَ: {لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} [القلم: ٢٤] أَيْ: اتَّفِقُوا عَلَى هَذَا وَاشْتَوِرُوا عَلَيْهِ {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم: ٢٥] أَيْ: انْطَلَقُوا مُجِدِّينَ فِي ذَلِكَ قَادِرِينَ عَلَيْهِ مُصَمِّمِينَ مُصِرِّينَ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ الْفَاسِدَةِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالشَّعْبِيُّ: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ} [القلم: ٢٥] أَيْ: غَضَبٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ. وَأَبْعَدَ السُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ ; أَنَّ اسْمَ حَرْثِهِمْ حَرْدٌ. فَلَمَّا رَأَوْهَا أَيْ: وَصَلُوا إِلَيْهَا، وَنَظَرُوا مَا حَلَّ بِهَا، وَمَا قَدْ صَارَتْ إِلَيْهِ مِنَ الصِّفَةِ الْمُنْكَرَةِ بَعْدَ تِلْكَ النَّضْرَةِ وَالْحُسْنِ وَالْبَهْجَةِ، فَانْقَلَبَتْ بِسَبَبِ النِّيَّةِ الْفَاسِدَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ {قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ} [القلم: ٢٦] أَيْ: قَدْ تُهْنَا عَنْهَا وَسَلَكْنَا غَيْرَ طَرِيقِهَا. ثُمَّ قَالُوا: {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [الواقعة: ٦٧] أَيْ: بَلْ عُوقِبْنَا بِسَبَبِ سُوءِ قَصْدِنَا، وَحُرِمْنَا بَرَكَةَ حَرْثِنَا {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [القلم: ٢٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute