للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَلَمَّا بَلَغَ عَلِيًّا خَبَرُ بُسْرٍ، وَجَّهَ جَارِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ فِي أَلْفَيْنِ، وَوَهْبَ بْنَ مَسْعُودٍ فِي أَلْفَيْنِ، فَسَارَ جَارِيَةُ حَتَّى بَلَغَ نَجْرَانَ، فَحَرَّقَ بِهَا، وَقَتَلَ نَاسًا مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ، وَهَرَبَ بُسْرٌ وَأَصْحَابُهُ فَأَتْبَعَهُمْ حَتَّى بَلَغَ مَكَّةَ. فَقَالَ لَهُمْ جَارِيَةُ: بَايِعُوا! فَقَالُوا: لِمَنْ نُبَايِعُ وَقَدْ هَلَكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ! فَلِمَنْ نُبَايِعُ؟ فَقَالَ: بَايِعُوا لِمَنْ بَايَعَ لَهُ أَصْحَابُ عَلِيٍّ، فَتَثَاقَلُوا ثُمَّ بَايَعُوا حِينَ خَافُوا. ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يُصَلِّي بِهِمْ فَهَرَبَ مِنْهُ، فَقَالَ جَارِيَةُ: وَاللَّهِ لَوْ أَخَذْتُ أَبَا سِنَّوْرٍ لَضَرَبْتُ عُنُقَهُ. ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ بَايِعُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، فَبَايَعُوا وَأَقَامَ عِنْدَهُمْ يَوْمًا، ثُمَّ خَرَجَ مُنْصَرِفًا إِلَى الْكُوفَةِ، وَعَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُصَلِّي بِهِمْ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ جَرَتْ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ الْمُهَادَنَةُ بَعْدَ مُكَاتَبَاتٍ يَطُولُ ذِكْرُهَا، عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمَا، وَأَنْ يَكُونَ مُلْكُ الْعِرَاقِ لِعَلِيٍّ، وَلِمُعَاوِيَةَ مُلْكُ الشَّامِ وَلَا يُدْخُلُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي عَمَلِهِ بِجَيْشٍ وَلَا غَارَةٍ وَلَا غَزْوَةٍ.

ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مَا هَذَا مَضْمُونُهُ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْأُمَّةَ قَدْ قَتَلَ بَعْضُهَا بَعْضًا بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَلَكَ الْعِرَاقُ وَلِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>