للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ: وَرَأَيْتُ قِطْعَةً مِنَ الطَّيْرِ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنْ حَيْثُ لَا أَشْعُرُ حَتَّى غَطَّتْ حُجْرَتِي، مَنَاقِيرُهَا مِنَ الزُّمُرُّدِ، وَأَجْنِحَتُهَا مِنَ الْيَوَاقِيتِ، فَكَشَفَ اللَّهُ لِي عَنْ بِصَرِي، فَأَبْصَرْتُ مِنْ سَاعَتِي مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَرَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَعْلَامٍ مَضْرُوبَاتٍ ; عَلَمٌ بِالْمَشْرِقِ، وَعَلَمٌ بِالْمَغْرِبِ، وَعَلَمٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، فَأَخَذَنِي الْمَخَاضُ، وَاشْتَدَّ بِيَ الطَّلْقُ جِدًّا، فَكُنْتُ كَأَنِّي مُسْتَنِدَةٌ إِلَى أَرْكَانِ النِّسَاءِ، وَكَثُرْنَ عَلَيَّ حَتَّى كَأَنَّ الْأَيْدِيَ مَعِي فِي الْبَيْتِ، وَأَنَا لَا أَرَى شَيْئًا، فَوَلَدْتُ مُحَمَّدًا، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ بَطْنِي دُرْتُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَنَا بِهِ سَاجِدٌ وَقَدْ رَفَعَ أُصْبُعَيْهِ كَالْمُتَضَرِّعِ الْمُبْتَهِلِ، ثُمَّ رَأَيْتُ سَحَابَةً بَيْضَاءَ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ تَنْزِلُ حَتَّى غَشِيَتْهُ، فَغُيِّبَ عَنْ عَيْنِي، فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي ; يَقُولُ: طُوفُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْقَ الْأَرْضِ وَغَرْبَهَا، وَأَدْخِلُوهُ الْبِحَارَ كُلَّهَا ; لِيَعْرِفُوهُ بِاسْمِهِ وَنَعْتِهِ وَصُورَتِهِ، وَيَعْلَمُوا أَنَّهُ سُمِّيَ الْمَاحِي ; لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنَ الشِّرْكِ إِلَّا مُحِيَ بِهِ فِي زَمَنِهِ. قَالَتْ: ثُمَّ تَجَلَّتْ عَنْهُ فِي أَسْرَعِ وَقْتٍ، فَإِذَا أَنَا بِهِ مُدْرَجًا فِي ثَوْبِ صُوفٍ أَبْيَضَ، أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَتَحْتَهُ حَرِيرَةٌ خَضْرَاءُ، وَقَدْ قَبَضَ مُحَمَّدٌ ثَلَاثَةَ مَفَاتِيحَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ الْأَبْيَضِ، وَإِذَا قَائِلٌ يَقُولُ: قَبَضَ مُحَمَّدٌ عَلَى مَفَاتِيحِ النَّصْرِ، وَمَفَاتِيحِ الرِّيحِ، وَمَفَاتِيحِ النُّبُوَّةِ هَكَذَا أَوْرَدَهُ وَسَكْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>